للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لأن الصَّداق ليس مما كُتب للنساء إلا بالنكاح، فما لم تنكح فلا صداق لها قِبَل أحد. وإذا لم يكن ذلك لها قِبَل أحدٍ، لم يكن مما كتب لها. وإذا لم يكن مما كتب لها، لم يكن لقول قائل: (١) عنى بقوله:"وما يتلى عليكم في الكتاب"، الإقساطَ في صدقات يتامى النساء (٢) = وَجْهٌ. لأن الله قال في سياق الآية، مبيِّنًا عن الفتيا التي وعدنا أن يفتيناها:"في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن"، فأخبر أن بعض الذي يفتينا فيه من أمر النساء، أمرُ اليتيمة المَحُولِ بينها وبين ما كتب الله لها. (٣) والصداق قبل عقد النكاح، ليس مما كتب الله لها على أحد. فكان معلومًا بذلك أن التي عنيت بهذه الآية، هي التي قد حيل بينها وبين الذي كتب لها مما يتلى علينا في كتاب الله. فإذا كان ذلك كذلك، كان معلومًا أن ذلك هو الميراث الذي يوجبه الله لهن في كتابه.

* * *

فأما الذي ذكر عن محمد بن أبي موسى، (٤) فإنه مع خروجه من قول أهل التأويل، بعيدٌ مما يدل عليه ظاهر التنزيل. وذلك أنه زعم أن الذي عنى الله بقوله:"وما يتلى عليكم في الكتاب"، هو:"وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا". وإذا وجِّه الكلام إلى المعنى الذي تأوّله، صار الكلام مبتدأ من قوله:"في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن"، ترجمةً بذلك عن قوله:"فيهن"، (٥) ويصير معنى الكلام: قل الله يفتيكم فيهن، في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن= ولا دلالة


(١) سقط من المخطوطة، بين كلامين، كان فيها: "فما لم تنكح فلا صداق لها قبل أحد، وإذا لم يكن ذلك لها لم يكن لقول قائل ... "، فتركت ما في المطبوعة على حاله.
(٢) سياق الجملة: " لم يكن لقول قائل ... وجه".
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: "المحولة بينها"، والصواب ما أثبت، يعني: التي قد حيل بينهما وبين ما كتب الله لها.
(٤) يعني الأثر السالف رقم: ١٠٥٥٦.
(٥) "الترجمة"، البدل والبيان والتفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>