للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن ظن ظانّ أن ذلك إذْ كان حقًّا للمرأة، ولها المطالبة به، فللرجل افتداؤه منها بجُعل، فإن شفعة المستشفع في حصة من دارٍ اشتراها رجل من شريك له فيها حق، له المطالبة بها، فقد يجب أن يكون للمطلوب افتداءُ ذلك منه بجُعل. وفي إجماع الجميع على أن الصلح في ذلك على عِوض غيرُ جائز، إذ كان غير مُعتاض منه المطلوب في الشفعة عينًا ولا نفعًا= ما يدل على بُطول صلح الرجل امرأته على عوض، على أن تصفح عن مطالبتها إياه بالقسمة لها.

وإذا فسد ذلك، صَح أن تأويل الآية ما قلنا. وقد أبان الخبر الذي ذكرناه عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار (١) أنّ قوله:"وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا"، الآية: نزلت في أمر رافع بن خديج وزوجته، إذ تزوج عليها شابة، فآثر الشابَّة عليها، فأبت الكبيرة أن تَقِرَّ على الأثرة، فطلقها تطليقة وتركها. فلما قارب انقضاء عِدَّتها خيَّرها بين الفراق والرجعة والصبر على الأثرة، فاختارت الرجعة والصبر على الأثرة. فراجعها وآثر عليها، فلم تصبر، فطلقها. ففي ذلك دليل واضحٌ على أن قوله:"وأحضرت الأنفس الشح"، إنما عُني به: وأحضرت أنفس النساء الشحَّ بحقوقهن من أزواجهن، على ما وصفنا.

* * *

قال أبو جعفر: وأما قوله"وإن تحسنوا وتتقوا"، فإنه يعني: وإن تحسنوا، أيها الرجال، في أفعالكم إلى نسائكم، (٢) إذا كرهتم منهن دَمامة أو خُلُقًا أو بعضَ ما تكرهون منهن بالصبر عليهن، وإيفائهن حقوقهن وعشرتهن بالمعروف"وتتقوا"، يقول: وتتقوا الله فيهن بترك الجَوْر منكم عليهن فيما يجب لمن كرهتموه منهن عليكم، من القسمة له، والنفقة، والعشرة بالمعروف (٣) ="فإن الله كان


(١) هو الأثر رقم: ١٠٦٠٠.
(٢) انظر تفسير"الإحسان" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٣) انظر تفسير"التقوى" فيما سلف من فهارس اللغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>