للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٠٦٨٢- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله" الآية، هذا في الشهادة. فأقم الشهادة، يا ابن آدم، ولو على نفسك، أو الوالدين، أو على ذوي قرابتك، أو شَرَفِ قومك. (١) فإنما الشهادة لله وليست للناس، وإن الله رضي العدل لنفسه، والإقساط والعدل ميزانُ الله في الأرض، به يردُّ الله من الشديد على الضعيف، ومن الكاذب على الصادق، ومن المبطل على المحق. وبالعدل يصدِّق الصادقَ، ويكذِّب الكاذبَ، ويردُّ المعتدي ويُرَنِّخُه، (٢) تعالى ربنا وتبارك. وبالعدل يصلح الناس، يا ابن آدم="إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فالله أولى بهما"، يقول: أولى بغنيكم وفقيركم. قال: وذكر لنا أن نبيَّ الله موسى عليه السلام قال:"يا ربِّ، أي شيء وضعت في الأرض أقلّ؟ "، قال:"العدلُ أقلُّ ما وضعت في الأرض". فلا يمنعك غِنى غنيّ ولا فقر فقير أن تشهد عليه بما تعلم، فإن ذلك عليك من الحق، وقال جل ثناؤه:"فالله أولى بهما".

* * *

وقد قيل:"إن يكن غنيًّا أو فقيرًا"، الآية، أريد: فالله أولى بغنى الغني وفقر الفقير. لأن ذلك منه لا من غيره، فلذلك قال:"بهما"، ولم يقل"به".

* * *

وقال آخرون: إنما قيل:"بهما"، لأنه قال:"إن يكن غنيًّا أو فقيرًا"، فلم يقصد فقيرًا بعينه ولا غنيًّا بعينه، وهو مجهول. وإذا كان مجهولا جاز الردُّ منه بالتوحيد والتثنية والجمع. (٣)

* * *


(١) في المطبوعة: "أو أشراف قومك"، كأنه ظن"شرفًا" خطأ، وهو محض صواب، يجمع"شريف" على"أشراف" و"شرفاء" و"شرف" (بفتح الشين والراء) . كما قالوا: "رجل كريم" و"قوم كرم". ولو قيل: وهو وصف بالمصدر مثل"عدل" لكان صوابًا.
(٢) في المطبوعة: "ويوبخه" والتوبيخ لا معنى له هنا. وفي المخطوطة غير منقوطة. وصواب قراءتها ما أثبت. يقال: "رنخ الرجل": ذلَّله. ولو قرئت"يريخه" بالياء لكان صوابًا، يقال: "ضربوا فلانًا حتى ريخوه"، أي أوهنوه وأذلوه. هذا وقتادة السدوسي، كان يكثر في كلامه غريب اللغة.
(٣) في المطبوعة: "الرد عليه بالتوحيد ... "، والذي أثبت من المخطوطة هو محض الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>