للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شجرة بعينها من أشجار الجنة دون سائر أشجارها، فخالفا إلى ما نهاهما الله عنه، فأكلا منها كما وصفهما الله جل ثناؤه به. ولا علم عندنا أي شجرة كانت على التعيين، لأن الله لم يَضَع لعباده دليلا على ذلك في القرآن، ولا في السنة الصحيحة. فأنَّى يأتي ذلك؟ (١) وقد قيل: كانت شجرة البر، وقيل: كانت شجرة العنب، وقيل: كانت شجرة التين، وجائز أن تكون واحدة منها، وذلك عِلمٌ، إذا عُلم لم ينفع العالمَ به علمه (٢) ، وإن جهله جاهل لم يضرَّه جهلُه به.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى ذكره {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}

قال أبو جعفر: اختلف أهل العربية في تأويل قوله:"ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين".

فقال بعض نحويّي الكوفيين: تأويل ذلك: ولا تقربَا هذه الشجرة، فإنكما إن قربتماها كنتما من الظالمين. فصار الثاني في موضع جواب الجزاء. وجوابُ الجزاء يعمل فيه أوّله، كقولك: إن تَقُم أقُم، فتجزم الثاني بجزم الأول. فكذلك قوله"فتكونا"، لما وقعت الفاء في موضع شرط الأوّل نُصب بها، وصُيرت


(١) في المخطوطة خلاف ما في المطبوعة، وهذا نصه"ولا علم عندنا بأي ذلك. وقد قيل كانت شجرة البر. . . "، كأن الناسخ أسقط سطرا فاختل الكلام. وكان في المطبوعة: "فأنى يأتي ذلك من أتى" بزيادة قوله"من أتى" والظاهر أن التحريف قديم، فإن ابن كثير نقل نص الطبري هذا في تفسيره ١: ١٤٣ فحذف قوله: "فأنى يأتي ذلك"، وقد استظهرت أن الصواب حذف"من أتى"، ليكون الاستفهام منصبًّا على كيفية إتيان العلم بهذه الشجرة، وليس في القرآن عليها دليل ولا في السنة الصحيحة. وأما الجملة كما جاءت في المطبوعة، فهي فاسدة مفسدة لما أراد الطبري.
(٢) في المطبوعة: "وذلك إن علمه عالم لم ينفع العالم. . . "، وأثبت ما في المخطوطة وابن كثير (١: ١٤٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>