للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال في ذلك عندي بالصواب، (١) أن يقال: عني بقوله: (٢) "لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم"، قومٌ من المنافقين. وجائزٌ أن يكون كان ممن دخل في هذه الآية ابنُ صوريا= وجائز أن يكون أبو لبابة= وجائز أن يكون غيرُهما، غير أن أثبت شيء روي في ذلك، ما ذكرناه من الرواية قبلُ عن أبي هريرة والبراء بن عازب، لأن ذلك عن رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا كان ذلك كذلك، كان الصحيحُ من القول فيه أن يقال: عُنِي به عبد الله بن صوريَا.

وإذا صحّ ذلك، كان تأويل الآية: يا أيُّها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في جحود نبوّتك، والتكذيبِ بأنك لي نبي، من الذين قالوا:"صدَّقنا بك يا محمد أنك لله رسول مبعوث، وعلمنا بذلك يقينًا، بوجودنا صِفَتك في كتابنا". (٣)

وذلك أن في حديث أبي هريرة الذي رواه ابن إسحاق عن الزهري: (٤) أن ابن صُوريا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما والله يا أبا القاسم، إنهم ليعلمون أنك نبى مُرسْل، ولكنهم يحسدونك". فذلك كان =على هذا الخبر= من ابن صوريا إيمانًا برسول الله صلى الله عليه وسلم بفيه، ولم يكن مصدِّقًا لذلك بقلبه. فقال الله جل وعزّ لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مُطْلِعَه على ضمير ابن صوريا وأنه لم يؤمن بقلبه، يقول: ولم يصدِّق قلبه بأنك لله رسول مرسل. (٥)

* * *


(١) في المطبوعة: "وأولى الأقوال"، حذف"هذه"، وهي ثابتة في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "عني بذلك"، والسياق يقتضي ما أثبت.
(٣) قوله: "بوجودنا صفتك"، أي: بأننا نجد صفتك ...
(٤) في الأثر رقم: ١١٩٢١.
(٥) انظر تفسير"حزن" فيما سلف ٧: ٢٣٤، ٤١٨= وتفسير"سارع" فيما سلف ٧: ١٣٠، ٢٠٧، ٤١٨ = وانظر تفسير"من أفواههم" فيما سلف ٧: ١٤٥- ١٤٧= وتفسير"يقولون بأفواههم" ٧: ٣٧٨، ٣٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>