للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله عز وجلّ: {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ}

قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا أيها الرسولُ لا يحزنك تسرُّع من تسرَّع من هؤلاء المنافقين= الذين يظهارون بألسنتهم تصديقَك، وهم معتقدون تكذيبك= إلى الكفر بك، ولا تسرُّعُ اليهود إلى جحود نبوّتك. (١) ثم وصف جل وعزّ صفتهم، (٢)

ونعتهم له بنعوتهم الذَّميمة وأفعالهم الرديئة، وأخبره مُعزّيًا له على ما يناله من الحزن بتكذيبهم إياه، مع علمهم بصدقه، أنَّهم أهلُ استحلال الحرامِ والمآكل الرديئة والمطاعم الدنيئة من الرُّشَى والسُّحْت، (٣) وأنهم أهل إفكٍ وكذبٍ على الله، وتحريف لكتابه. (٤) ثم أعلمه أنه مُحِلٌّ بهم خزيَه في عاجل الدنيا، وعقابه في آجل الآخرة. فقال: هم"سماعون للكذب"، يعني هؤلاء المنافقين من اليهود، يقول: هم يسمعون الكذب، و"سمعهم الكذب"، سمعُهم قول أحبارهم: أنّ حكم الزاني المحصن في التوراة، التحميمُ والجلد="سماعون لقوم آخرين لم يأتوك"، يقول: يسمعون لأهل الزاني الذين أرادوا الاحتكام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم القوم الآخرون الذين لم يكونوا أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا مصرِّين على أن يأتوه، كما قال مجاهد:-

١١٩٢٧ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج عن ابن جريج، قال مجاهد:"سماعون لقوم آخرين لم يأتوك"، مع من أتوك.

* * *


(١) انظر تفسير"هاد" فيما سلف ٢: ١٤٣، ٥٠٧/٩: ٣٩١.
(٢) في المطبوعة: "ثم وصف جل ذكره صفتهم"، غير ما في المخطوطة لغير طائل.
(٣) يعني ما سيأتي في الآية: ٤٢.
(٤) في المطبوعة: "وتحريف كتابه"، وفي المخطوطة: "أهل الإفك، وكذب على الله، وتحريف كتابه"، ورأيت السياق يقتضي أن تكون"وتحريف لكتابه"، فأثبتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>