للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن ظن ظان أن"المصدق"= على قول مجاهد وتأويلهِ هذا= من صفة"الكاف" التي في"إليك"، فإن قوله:"لما بين يديه من الكتاب"، يبطل أن يكون تأويل ذلك كذلك، وأن يكون"المصدق" من صفة"الكاف" التي في"إليك". لأن"الهاء" في قوله:"بين يديه"، كناية اسم غير المخاطب، وهو النبي صلى الله عليه وسلم في قوله"إليك". (١) ولو كان"المصدق" من صفة"الكاف"، لكان الكلام: وأنزلنا إليك الكتاب مصدِّقًا لما بين يديك من الكتاب، (٢) ومهيمنا عليه= فيكون معنى الكلام حينئذٍ كذلك. (٣)

* * *

القول في تأويل قوله عز ذكره: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ}

قال أبو جعفر: وهذا أمر من الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يحكم بين المحتكمين إليه من أهل الكتاب وسائر أهلِ الملل بكتابه الذي أنزله إليه، وهو القرآن الذي خصّه بشريعته. يقول تعالى ذكره: احكم، يا محمد، بين أهل الكتاب والمشركين بما أُنزل إليك من كتابي وأحكامي في كل ما احتمكوا فيه إليك، من الحدود والجُرُوح والقَوَد والنفوس، فارجم الزاني المحصَن، واقتل النفسَ القاتلةَ بالنفس المقتولة ظلمًا، وافقأ العين بالعين، واجدع الأنف بالأنف، فإني أنزلت إليك القرآن مصدِّقًا في ذلك ما بين يديه من الكتب، ومهيمنًا عليه رقيبًا، يقضي على ما قبله من سائر الكتب قبلَه، ولا تتبع أهواء هؤلاء اليهود= الذين


(١) في المخطوطة: "والنبي صلى الله عليه ... " بإسقاط"هو"، والصواب ما في المطبوعة.
(٢) في المخطوطة: "لما بين يديه"، والصواب ما في المطبوعة.
(٣) في المخطوطة: "فيكون معنى الكلام حينئذ يكون كذلك"، بزيادة"يكون"، والصواب ما في المخطوطة، إلا أن يكون الناسخ أسقط من الكلام شيئًا. ومع ذلك، فالذي في المطبوعة مستقيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>