للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آمنوا من يرتد منكم عن دينه" الآية، وعيدٌ من الله أنه من ارتدّ منكم، أنه سيستبدل خيًرا منهم.

* * *

وأما على قول من قال: عنى بذلك الأنصار، فإن تأويله في ذلك نظير تأويل من تأوَّله أنه عُنِي به أبو بكر وأصحابه.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب، ما رُوي به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنهم أهل اليمن، قوم أبي موسى الأشعري. ولولا الخبر الذي روي في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخبر الذي روي عنه، ما كان القول عندي في ذلك إلا قول من قال:"هم أبو بكر وأصحابه". وذلك أنه لم يقاتل قومًا كانوا أظهروا الإسلام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ارتدوا على أعقابهم كفارًا، غير أبي بكر ومن كان معه ممن قاتل أهل الردة معه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكنا تركنا القول في ذلك للخبر الذي رُوي فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنْ كان صلى الله عليه وسلم مَعْدِن البيان عن تأويل ما أنزل الله من وحيه وآيِ كتابه. (١)

* * *

فإن قال لنا قائل: فإن كان القومُ الذين ذكر الله أنه سيأتي بهم= عند ارتداد من ارتد عن دينه، ممن كان قد أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم = هم أهل اليمن، فهل كان أهل اليمن أيام قتال أبي بكر رضي الله عنه أهل الردة أعوانَ أبي بكر على قتالهم، فتستجيز أن توجِّه تأويل الآية إلى ما وجِّهت إليه؟ (٢)


(١) "المعدن" (بفتح الميم، وسكون العين، وكسر الدال) : مكان كل شيء يكون فيه أصله ومبدؤه. ومنه قيل: "معدن الذهب والفضة"، وهو الذي نسميه اليوم"المنجم"، حيث أنبت الله سبحانه وتعالى جوهرهما، وأثبتهما فيه. ومنه في المجاز، ما جاء في الخبر: "فعن معادن العرب تسألوني؟ قالوا: نعم" يعني: أصولها التي ينسبون إليها، ويتفاخرون بها.
(٢) في المطبوعة: "حتى تستجيز"، وفي المخطوطة: "تستجير" بغير"حتى"، فآثرت قراءتها كما أثبتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>