للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أم لم يكونوا أعوانًا له عليهم، فكيف استجزت أن توجه تأويل الآية إلى ذلك، وقد علمت أنه لا خُلْفَ لوعد الله؟

قيل له: إن الله تعالى ذكره لم يعدِ المؤمنين أن يبدِّلهم بالمرتدِّين منهم يومئذ، خيرًا من المرتدين لقتال المرتدين، وإنما أخبر أنه سيأتيهم بخيرٍ منهم بدلا منهم، فقد فعل ذلك بهم قريبًا غير بعيد، (١) فجاء بهم على عهد عمر، فكان موقعهم من الإسلام وأهله أحسن موقع، وكانوا أعوان أهل الإسلام وأنفعَ لهم ممن كان ارتدَّ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من طَغَام الأعراب وجُفاة أهل البوادي الذين كانوا على أهل الإسلام كلا لا نفعًا؟ (٢)

* * *

قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة قوله:"يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه".

فقرأته قرأة أهل المدينة: (يا أيها الذين آمنوا من يرتدد منكم عن دينه) ، بإظهار التضعيف، بدالين، مجزومة"الدال" الآخرة. وكذلك ذلك في مصاحفهم.

وأما قرأة أهل العراق، فإنهم قرأوا ذلك: (مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) بالإدغام، بدالٍ واحدة، وتحريكها إلى الفتح، بناء على التثنية، لأن المجزوم الذي يظهر تضعيفه في الواحد، إذا ثنيّ أدغم. ويقال للواحد:"اردُدْ يا فلان إلى فلان حقه"، فإذا ثنى قيل:"ردّا إليه حقه"، ولا يقال:"ارددا"، وكذلك في الجمع:"ردّوا"، ولا يقال:"ارددوا"، فتبني العرب أحيانًا الواحد على الاثنين، وتظهر


(١) في المطبوعة: "يعد فعل ذلك"، وهو لا معنى له، والصواب ما في المخطوطة.
(٢) "الطغام" (بفتح الطاء) : أوغاد الناس وأراذلهم. و"الكل" (بفتح الكاف) : العيال والثقل على صاحبه أو من يتولى أمره.

<<  <  ج: ص:  >  >>