للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تجارة؟ (١) قالا لا! قالوا: فإنا قد فقدنا بعضَه! فاتُّهما، فرفعوهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية:"يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت" إلى قوله:"إنا إذا لمن الآثمين". قال: فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستحلفوهما في دُبُر صلاة العصر: بالله الذي لا إله إلا هو، ما قبضنا له غيرَ هذا، ولا كتمنا". قال: فمكثنا ما شاء الله أن يمكثَا، (٢) ثم ظُهِرَ معهما على إناء من فضةٍ منقوش مموَّه بذهب، (٣) فقال، أهله: هذا من متاعه؟ قالا نعم، ولكنا اشترينا منه، ونسينا أن نذكره حين حلفنا، فكرهنا أن نكذِّب أنفسنا! (٤) فترافعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية الأخرى:"فإن عثر على أنهما استحقا إثمًا فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان"، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين من أهل الميت أن يحلفا على ما كتما وغيَّبا ويستحقَّانه. ثم إنّ تميمًا الداري أسلم وبايع النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يقول: صدق الله ورسوله: أنا أخذت الإناء! (٥)

١٢٩٦٩- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله:"يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم"، الآية كلها. قال: هذا شيء [كان] حين لم يكن الإسلام إلا بالمدينة، (٦) وكانت الأرض كلها كفرًا، (٧) فقال الله تعالى ذكره:"يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم"، من المسلمين ="أو آخران من غيركم"، من غير أهل الإسلام ="إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت قال: كان الرجل يخرج مسافرًا، والعرب أهلُ كفر، فعسى أن يموت في سفره، فيُسند وصيته إلى رجلين منهم ="فيقسمان بالله إن ارتبتم"، في أمرهما. إذا قال الورثة: كان مع صاحبنا كذا وكذا، فيقسمان بالله: ما كان معه إلا هذا الذي قلنا ="فإن عثر على أنهما استحقا إثمًا"، أنما حلفا على باطل وكذب ="فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان" بالميت ="فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذًا لمن الظالمين"، ذكرنا أنه كان مع صاحبنا كذا وكذا، قال هؤلاء: لم يكن معه! قال: ثم عثر على بعض المتاع عندهما، فلما عثر على ذلك رُدّت القسامة على وارثه، (٨) فأقسما، ثم ضمن هذان. قال الله تعالى:"ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم(٩) فتبطل أيمانهم ="واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين"، الكاذبين، الذين يحلفون على الكذب. وقال ابن زيد: قدم تميمٌ الداريّ وصاحب له، وكانا يومئذ مشركين، ولم يكونا أسلما، فأخبرا أنهما أوصى إليهما رجلٌ، وجاءا بتركته. فقال أولياء الميت:


(١) "تجر يتجر تجرًا وتجارة" (على وزن: نصر ينصر) : باع وشرى. وأرادوا به هنا معنى الشراء بالعوض، فيما أستظهر، فإنهم قد سألوه قبل عن البيع والابتياع.
(٢) في المطبوعة: "فمكثنا ما شاء الله أن نمكث"، غير الناشر ما في المخطوطة، وأفسد.
(٣) "ظهر" (بالبناء للمجهول) ، أي: عثر معها على إناء.
(٤) في المخطوطة: "نفسا" غير منقوطة، ولو شئت قرأتها: "نفسينا"، مكان"أنفسنا"، وهما صواب.
(٥) الأثر: ١٢٩٦٨ -"أبو سفيان" هو: المعمري، "محمد بن حميد اليشكري"، مضى برقم: ١٧٨٧، ٨٨٢٩.
و"الحسين" الراوي عنه، هو"سنيد بن داود"، مضى مرارًا.
و"ابن أبي مارية"، هو"بديل بن أبي مارية"، وقد بينت ذلك في التعليق على الأثر السالف.
وهذا الخبر خرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ٣٤٢، وزاد نسبته إلى ابن المنذر.
(٦) الزيادة بين القوسين، لا بد منها للسياق، وكان في المخطوطة: ". . . لم يكن السلام"، والصواب ما في المطبوعة.
(٧) في المطبوعة: "كفر" بالرفع، وأخشى أن يكون الأصل: "وكانت الأرض كلها دار كفر"، أو ما أشبه ذلك، وتركت ما في المطبوعة على حاله، وهو صواب أيضًا.
(٨) "القسامة" (بفتح القاف) ، أراد بها هنا: اليمين.
(٩) قوله تعالى: "بعد أيمانهم" لم تكن في المخطوطة ولا المطبوعة، والصواب إثباتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>