للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو جعفر: وأولى القراءتين عندي بالصواب، قراءة من قرأ ذلك: (هَلْ يَسْتَطِيعُ) بالياء (رَبُّكَ) برفع"الربّ"، بمعنى: هل يستجيب لك إن سألته ذلك ويطيعك فيه؟

وإنما قلنا ذلك أولى القراءتين بالصواب، لما بيّنّا قبلُ من أن قوله:"إذ قال الحواريون"، من صلة:"إذ أوحيت"، وأنَّ معنى الكلام: وإذ أوحيت إلى الحواريون أن آمنوا بي وبرسولي، إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربَّك؟ فبيِّنٌ إذ كان ذلك كذلك، أن الله تعالى ذكره قد كرِه منهم ما قالوا من ذلك واستعظمه، وأمرهم بالتوبة ومراجعة الإيمان من قِيلهم ذلك، والإقرارِ لله بالقدرة على كل شيء، وتصديقِ رسوله فيما أخبرهم عن ربِّهم من الأخبار. وقد قال عيسى لهم، عند قيلهم ذلك له، استعظامًا منه لما قالوا:"اتقوا الله إن كنتم مؤمنين". ففي استتابة الله إيّاهم، ودعائه لهم إلى الإيمان به وبرسوله صلى الله عليه وسلم عند قيلهم ما قالوا من ذلك، واستعظام نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم كلمتهم = (١) الدلالةُ الكافيةُ من غيرها على صحة القراءة في ذلك بالياء ورفع"الرب"، إذ كان لا معنى في قولهم لعيسى، لو كانوا قالوا له:"هل تستطيع أن تسأل ربَّك أن ينزل علينا مائدة من السماء"؟ أن يُستكبر هذا الاستكبار.

فإن ظنّ ظانّ أنّ قولهم ذلك له إنما استُعظِمَ منهم، (٢) لأنّ ذلك منهم كان مسألة آيةٍ، [فقد ظنّ خطأ] . (٣) فإن الآيةَ، إنّما يسألها الأنبياء مَنْ كان بها مكذّبًا


(١) السياق: ". . . ففي استتابة الله إياهم. . . الدلالة الكافية. . ."، وما بينهما عطوف.
(٢) في المطبوعة: "إنما هو استعظام منهم"، غير ما في المخطوطة وزاد على نصها، فضرب على الكلام فسادا لا يفهم!! و"استعظم" بالبناء للمجهول.
(٣) هذه الزيادة بين القوسين، لا بد منها، لا أشك أن الناسخ قد أسقطها غفلة، فاضطرب سياق الكلام، وسياق حجة أبي جعفر، فاضطر الناشر أن يعبث بكلمات أبي جعفر لكي تستقيم معه، فأفسد الكلام إفسادًا بينًا لا يحل له. وقد رددت الكلام إلى أصله، كما سترى في التعليقات التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>