للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليتقرَّر عنده حقيقةُ ثبوتها وصحَّة أمرها، كما كانت مسألة قريش نبيَّنا محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يحوِّل لهم الصَّفَا ذهبًا، ويفجر فجَاج مكة أنهارًا، مَنْ سأله من مشركي قومه = وكما كانت مسألة صالح الناقةَ من مكذّبي قومه = ومسألة شُعَيْب أن يسقط كِسْفًا من السماءِ، من كفّار من أرسل إليه. (١)

فإنْ وكان الذين سألوا عيسى أن يسأل ربه أن ينزل عليهم مائدة من السماء، (٢) على هذا الوجه كانت مسألتهم، فقد أحلّهم الذين قرءوا ذلك ب"التاء" ونصب"الرب" محلا أعظم من المحلِّ الذي ظنوا أنَّهم يحيدون بهم عنه (٣) = أو يكونوا سألوا ذلك عيسى وهم موقنون بأنه لله نبي مبعوث ورسول مرسلٌ، وأن الله تعالى ذكره على ما سألوا من ذلك قادر.

فإن كانوا سألوا ذلك وهم كذلك، وإنما كانت مسألتهم إيَّاه ذلك على نحو ما يسأل أحدُهم نبيَّه، إذا كان فقيرًا، أن يسأل له ربه أن يُغْنيه = وإن عرضتْ له حاجة، (٤) أن يسأل له ربه أن يقضيَها، فليسَ ذلك من مسألةَ الآية في شيء، (٥) بل ذلك سؤال ذي حاجة عرضت له إلى ربه، فسأل نبيَّه مسألةَ ربه أن يقضيها له.

وخبر الله تعالى ذكره عن القوم، ينبئ بخلاف ذلك. وذلك أنهم قالوا لعيسى، إذ قال لهم:"اتقوا الله إن كنتم مؤمنين" ="نُريد أن نأكل منها وتطمئنَّ


(١) في المطبوعة: "من أرسل إليهم"، وأثبت ما في المخطوطة، فهو صواب محض.
(٢) في المطبوعة: "وكان الذين سألوا. . ."، حذف"فإن"، وعطف الكلام بعضه على بعض فاضطرب اضطرابًا فاحشًا.
(٣) في المطبوعة: "الذي ظنوا أنهم نزهوا ربهم عنه"، سبحانه وتعالى، ولكن ما فعله الناشر بنص المخطوطة جعل هذا الكلام كله لا معنى له. وكان في المخطوطة: "يحمدوا ربهم"، مضطربة الكتابة، فأساء الناشر قراءتها، وأبلغ في الإساءة حين غير الكلام على الوجه الذي نشره به.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "إن عرضت به حاجة"، وهو غير عربي، عربيته ما أثبت
(٥) في المطبوعة: "فأنى ذلك من مسألة الآية"، وفي المخطوطة: "فإن ذلك" وصواب ذلك ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>