للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكان كل فرق كالطود العظيم -يقول: كالجبل العظيم-، فدخلت بنو إسرائيل. وكان في البحر اثنا عشر طريقا، في كل طريق سبط -وكانت الطرق انفلقت بجدران (١) - فقال كل سبط: قد قتل أصحابنا! فلما رأى ذلك موسى، دعا الله، فجعلها لهم قناطر كهيئة الطِّيقان (٢) فنظر آخرهم إلى أولهم، حتى خرجوا جميعا. ثم دنا فرعون وأصحابه، فلما نظر فرعون إلى البحر منفلقا قال: ألا ترون البحر فَرِق مني؟ (٣) قد انفتح لي حتى أدرك أعدائي فأقتلهم! فذلك حين يقول الله جل ثناؤه: (وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ) [الشعراء: ٦٤] يقول: قربنا ثم الآخرين، يعني آل فرعون. فلما قام فرعون على أفواه الطرق أبت خيله أن تقتحم، فنزل جبريل على ماذيانة، فشامت الحصن ريح الماذيانة، فاقتحم في أثرها، (٤) حتى إذا هم أولهم أن يخرج ودخل آخرهم، أمر البحر أن يأخذهم، فالتطم عليهم. (٥) .

٩١١ - وحدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: لما أخذ عليهم فرعون الأرض إلى البحر، قال لهم فرعون: قولوا لهم يدخلون البحر إن كانوا صادقين! فلما رآهم أصحاب موسى قالوا: إنا لمدركون! قال كلا إن معي ربي سيهدين. فقال موسى للبحر: ألست تعلم أني رسول الله؟ قال: بلى. قال! وتعلم أن هؤلاء عباد من عباد الله أمرني أن آتي بهم؟ قال: بلى.


(١) في تاريخ الطبري: "وكأن الطرق إذا انفلقت بجدران".
(٢) الطيقان والأطواق، جمع طاق: وهو عقد البناء حيث كان.
(٣) فرق يفرق فرقا (بفتحتين) : فزع أشد الفزع.
(٤) في المطبوعة: "ماذبانة. . . الماذبانة"، وانظر ما سلف: ٤٩ تعليق: ٥، وفي المطبوعة"فشام الحصان" بالإفراد، وهو غير جيد في سياق الكلام. الصواب من المخطوطة وتاريخ الطبري. وشام الشيء: تشممه. والحصن، جمع حصان.
(٥) الأثر: ٩١٠ - في تاريخ الطبري ١: ٢١٣ - ٢١٤، ومضت فقرة منه برقم: ٩٠٤. والتطم البحر عليهم: أطبق عليهم وختم وهو يتلاطم موجه. ولم أجدها في كتب اللغة. ولكنهم يقولون: التطمت الأمواج وتلاطمت، ضرب بعضها بعضا. ويقولون: لطم الكتاب: أي ختمه. فالذي جاء في الخبر عربى معرق في مجازه.

<<  <  ج: ص:  >  >>