للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: أتعلم أن هذا عدو الله؟ قال: بلى. قال: فافرق لي طريقا ولمن معي. (١) قال: يا موسى، إنما أنا عبد مملوك، ليس لي أمر إلا أن يأمرني الله تعالى. فأوحى الله عز وجل إلى البحر: إذا ضربك موسى بعصاه فانفرق. وأوحى إلى موسى أن يضرب البحر، وقرأ قول الله تعالى: (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى) [سورة طه: ٧٧] وقرأ قوله: (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا) [الدخان: ٢٤]-سهلا ليس فيه نُقر (٢) -فانفرق اثنتي عشرة فرقة، فسلك كل سبط في طريق. قال: فقالوا لفرعون: إنهم قد دخلوا البحر. قال: ادخلوا عليهم. قال: وجبريل في آخر بني إسرائيل يقول لهم: ليلحق آخركم أولكم. وفي أول آل فرعون يقول لهم: رويدا يلحق آخركم أولكم. فجعل كل سبط في البحر يقولون للسبط الذين دخلوا قبلهم: قد هلكوا! فلما دخل ذلك قلوبهم أوحى الله جل وعز إلى البحر فجعل لهم قناطر، ينظر هؤلاء إلى هؤلاء، حتى إذا خرج آخر هؤلاء ودخل آخر هؤلاء أمر الله البحر فأطبق على هؤلاء.

* * *

ويعني بقوله: (وأنتم تنظرون) ، أي تنظرون إلى فرق الله لكم البحر، وإهلاكه آل فرعون في الموضع الذي نجاكم فيه، وإلى عظيم سلطانه -في الذي أراكم من طاعة البحر إياه، من مصيره ركاما فلقا كهيئة الأطواد الشامخة، (٣) غير زائل عن حده، انقيادا لأمر الله وإذعانا لطاعته، وهو سائل ذائب قبل ذلك.

يوقفهم بذلك جل ذكره على موضع حججه عليهم، ويذكرهم آلاءه عند أوائلهم، ويحذرهم -في تكذيبهم نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم- أن يحل


(١) في المطبوعة"فانفرق لي طريقا. . " وهو خطأ.
(٢) في المطبوعة: "ليس فيه تعد"، وفي المخطوطة: "نفد" والدال تشبه أن تكون راء. فاستظهرت أن تكون ما أثبت. والنقر جمع نقرة: وهي الوهدة المستديرة في الأرض، أو الحفرة صغيرة ليست بكبيرة. وهذا أشبه بالكلام والمعنى.
(٣) في المطبوعة: "ركاما فرقا"، وهو تغيير بلا سبب. ركام: مجتمع بعضه فوق بعض والفلق جمع فلقة (بكسر فسكون) : وهي الشق.

<<  <  ج: ص:  >  >>