للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و"أرجأته"، إذا أخرته. ومنه قول الله تعالى: (تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ) ، [سورة الأحزاب: ٥١] تؤخر، فالهمز من كلام بعض قبائل قيس، يقولون: "أرجأت هذا الأمر"، وترك الهمز من لغة تميم وأسد، يقولون: "أرجيته". (١) .

* * *

واختلفت القرأة في قراءة ذلك.

فقرأته عامة قرأة المدينة وبعض العراقيين: "أَرْجِهِ" بغير الهمز وبجرّ الهاء.

وقرأه بعض قرأة الكوفيين: "أَرْجِهْ" بترك الهمز وتسكين "الهاء"، على لغة من يقف على الهاء في المكنيِّ في الوصل، (٢) إذا تحرك ما قبلها، كما قال الراجز: (٣)

أَنْحَى عَلَيَّ الدَّهْرُ رِجْلا وَيَدَا يُقْسِمُ لا يُصْلِحُ إلا أَفْسَدَا

فَيُصْلِحُ الْيَوْمَ وَيُفْسِدُهُ غَدَا (٤)

وقد يفعلون مثل هذا بهاء التأنيث، فيقولون: "هذه طلحَهْ قد أقبلت"، كما قال الراجز: (٥)

لَمَّا رأَى أنْ لا دَعَهْ وَلا شِبَعْ مَالَ إلَى أَرْطَأةِ حِقْفٍ فَاضْطَجَعْ (٦)


(١) تفصيل اللغات ونسبتها إلى قبائلها، ليس في شيء من معاجم اللغة، فهي زيادة تقيد في مكانها هناك.
(٢) ((المكنى)) ، الضمير.
(٣) هو دويد بن زيد بن نهد القضاعى، وهو أحد المعمرين.
(٤) طبقات فحول الشعراء: ٢٨، والمعمرين: ٢٠، وأما لى الشريف ١: ١٣٧، والشعر والشعراء: ٥١ والمؤتلف والمختلف: ١١٤، وشرح شواهد الشافية: ٢٧٤؛ وغيرها كثير، وهو من قديم الشعر، كما قال ابن سلام. ورواية هذه الأبيات تختلف اختلافا كبيرا في المراجع جميعا كما أشرت إليه في شرح طبقات ابن سلام. وكان في المطبوعة ((ألحى على الدهر)) ، و ((فقسمه لا نصلح)) ، وهذا خطأ فاسد صوابه في المخطوطة، ومعاني القرآن للفراء.
(٥) يقال هو: منظور بن حبة الأسدي.
(٦) معاني القرآن للفراء ١: ٣٨٨، إصلاح المنطق: ١٠٨، وتهذيب إصلاح المنطق ١: ١٦٧، وشرح شواهد الشافية: ٢٧٤ - ٢٧٦، ٤٨٠، يصف ظبيا، ويقول قبله: يَا رَبُّ أَبَّازٍ مِنَ العُفْرِ صَدَعْ ... تَقَبَّضَ الذّئْبُ إِلَيْهِ وَاجْتَمَعْ
قال التبريزى في شرحها: ((يصف ظبياً. والأباز: الذي يقفز. والعفر من الظباء: التي تعلو ألوانها حمرة. وتقبض: أي أنه جمع قوائمه ليثبت على الظبى. لما رأي أن أن لا دعه، يعني الذئب، لما رأي أنه لا يشبع من الظبى ولا يدركه، وأنه قد تعب في طلبه. مال إلى أرطاة فاضطجع عندها. والأرطى: ضرب من شجر الرمل، واحدته أرطاة. والحقف: المعوج من الرمل)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>