للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فجعل الله مثله كمثل الكلب: "إن تحمل عليه يلهث، أو تتركه يلهث".

١٥٤٤٠ - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان) ، الآية، هذا مثلٌ ضربه الله لمن عُرِض عليه الهدى، فأبى أن يقبله وتركه = قال: وكان الحسن يقول: هو المنافق = "ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث" قال: هذا مثل الكافر ميتُ الفؤاد.

* * *

وقال آخرون: إنما مثّله جل ثناؤه بالكلب، لأنه كان يلهث كما يلهثُ الكلب.

* ذكر من قال ذلك:

١٥٤٤١ - حدثنا موسى قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط، عن السدي: (فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث) ، وكان بلعم يلهث كما يلهث الكلب. وأما "تحمل عليه": فتشدُّ عليه.

* * *

قال: أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك بالصواب، تأويلُ من قال: إنما هو مثلٌ لتركه العمل بآيات الله التي آتاها إياه، وأنّ معناه: سواء وعظ أو لم يوعظ، في أنه لا يترك ما هو عليه من خلافه أمر ربّه، كما سواءٌ حمل على الكلب وطُرِد أو ترك فلم يطرد، في أنه لا يدَع اللهث في كلتا حالتيه.

وإنما قلنا: ذلك أولى القولين بالصواب، لدلالة قوله تعالى: (ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا) ، فجعل ذلك مثلَ المكذِّبين بآياته. وقد علمنا أن اللُّهَاث ليس في خِلقة كل مكذّب كُتب عليه ترك الإنابة من تكذيبه بآيات الله، (١) وأن ذلك إنما هو مثل ضربه الله لهم، فكان معلوما بذلك أنه للذي وصف الله صفته في هذه الآية، كما هو لسائر المكذبين بآيات الله، مثلٌ. (٢)


(١) في المطبوعة والمخطوطة: ((من تكذيب)) ، والذي أثبت أرجح عندي في سياقه.
(٢) السياق "أنه للذي وصف الله صفته ... مثل: خبر "أن".

<<  <  ج: ص:  >  >>