للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (١٧٦) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: هذا المثل الذي ضربتُه لهذا الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها، مثلُ القوم الذين كذبوا بحُججنا وأعلامنا وأدلَّتنا، فسلكوا في ذلك سبيل هذا المنسلِخ من آياتنا الذي آتيناها إياه، في تركه العمل بما آتيناه من ذلك.

* * *

وأما قوله: (فاقصص القصص) ، فإنه يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فاقصص، يا محمد، هذا القصص، الذي اقتصصته عليك (١) = من نبأ الذي آتيناه آياتنا، وأخبارَ الأمم التي أخبرتك أخبارهم في هذه السورة، واقتصَصْت عليك نبأهم ونبأ أشباههم، (٢) وما حلّ بهم من عقوبتنا، ونزل بهم حين كذبوا رسلَنا من نقمتنا= (٣) على قومك من قريش، ومَنْ قِبَلَك من يهود بني إسرائيل، ليتفكروا في ذلك، فيعتبروا وينيبوا إلى طاعتنا، لئلا يحلّ بهم مثل الذي حلّ بمن قبلهم من النّقم والمثلات، ويتدبَّره اليهود من بني إسرائيل، فيعلموا حقيقةَ أمرك وصحَّة نبوّتك، إذ كان نبأ "الذي آتيناه آياتنا" من خفيّ علومهم، ومكنون أخبارهم، لا يعلمه إلا أحبارُهم، ومن قرأ الكُتب ودرسها منهم. وفي علمك بذلك =وأنت أميٌّ لا تكتب، ولا تقرأ، ولا تدرس الكتب، ولم تجالس أهل العلم= الحُجَّة البينة لك عليهم بأنك لله رسول، وأنك لم تعلم ما علِمت من ذلك، وحالُك الحال التي أنت بها، إلا بوحي من السماء. (٤)

* * *


(١) في المطبوعة: ((الذي قصصته) ، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: ((وقصصت نبأئهم)) ، غير ما في المخطوطة، كالتعليق السالف.
(٣) السياق: ((فاقصص يا محمد هذا القصص الذي اقتصصته عليك ... )) على قومك من قريش)) .
(٤) انظر تفسير ((القصص)) فيما سلف ص: ٧، تعليق: ١، والمراجع هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>