للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: إنها بقرة لم تذللها إثارة الأرض وقلبها للحراثة، ولا السنو عليها للمزارع، (١) وهي مع ذلك صحيحة مسلمة من العيوب.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {لا شِيَةَ فِيهَا}

قال أبو جعفر: يعني بقوله: (لا شية فيها) ، لا لون فيها يخالف لون جلدها. وأصله من "وشي الثوب"، وهو تحسين عيوبه التي تكون فيه، بضروب مختلفة من ألوان سداه ولحمته، (٢) يقال منه:"وشيت الثوب فأنا أشيه شية ووشيا"، ومنه قيل للساعي بالرجل إلى السلطان أو غيره:"واش"، لكذبه عليه عنده، وتحسينه كذبه بالأباطيل. يقال منه:"وشيت به إلى السلطان وشاية". ومنه قول كعب بن زهير:

تسعى الوشاة جَنَابَيْها وقولهُمُ ... إنك يا ابن أبي سُلمى لمقتول (٣)

و"الوشاة جمع واش"، يعني أنهم يتقولون بالأباطيل، ويخبرونه أنه إن لحق بالنبي صلى الله عليه وسلم قتله.

وقد زعم بعض أهل العربية أن"الوشي"، العلامة. وذلك لا معنى له، إلا أن يكون أراد بذلك تحسين الثوب بالأعلام. لأنه معلوم أن القائل:"وشيت بفلان إلى فلان" غير جائز أن يتوهم عليه أنه أراد: جعلت له عنده علامة.


(١) انظر ما سلف في هذا الجزء: ٢١١ تعليق: ١.
(٢) السدَى: الأسفل من الثوب، واللُّحمة: الأعلى منه يداخل السدَى.
(٣) ديوانه: ١٩، وسيرة ابن هشام ٤: ١٥٣، والروض الأنف ٢: ٣١٤، والفائق (قحل) ورواية الديوان "بجنبيها" ورواية ابن هشام: "تسعى الغواة". وقوله: "جنابيها". والجناب: الناحية، ويريد ناحية الجنب. يقال: "جنبيه، وجانبيه، وجنابيه،. والضمير في قوله: "جنابيها" لناقته التي ذكرها قبل. وقوله: "وقولهم: إنك. . "، حال، أي: وهم يقولون، والمعنى يكثرون القول عليه: إنك يا ابن أبي سلمى لمقتول، كأنهم لا يقولون غير ذلك، ترهيبا له وتخويفا.

<<  <  ج: ص:  >  >>