للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سفيان، عن قيس بن مسلم، عن الحسن بن محمد، بنحوه.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، قولُ من قال: فلا تظلموا في الأشهر الأربعة أنفسَكم، باستحلال حرامها، فإن الله عظمها وعظَّم حرمتها.

وإنما قلنا: ذلك أولى بالصواب في تأويله، لقوله: (فلا تظلموا فيهن) ، فأخرج الكناية عنه مُخْرَج الكناية عن جمع ما بين الثلاثة إلى العشرة. وذلك أن العرب تقول فيما بين الثلاثة إلى العشرة، إذا كَنَتْ عنه: "فعلنا ذلك لثلاث ليال خلون، ولأربعة أيام بقين" وإذا أخبرت عما فوق العشرة إلى العشرين قالت: "فعلنا ذلك لثلاث عشرة خلت، ولأربع عشرة مضت" = فكان في قوله جل ثناؤه: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) ، وإخراجِه كناية عدد الشهور التي نهى المؤمنين عن ظلم أنفسهم فيهن مخرج عدد الجمع القليل من الثلاثة إلى العشرة، الدليلُ الواضح على أن "الهاء والنون"، من ذكر الأشهر الأربعة، دون الاثنى العشر. لأن ذلك لو كان كناية عن "الاثنى عشر شهرًا"، لكان: فلا تظلموا فيها أنفُسكم. (١)

* * *

فإن قال قائل: فما أنكرت أن يكون ذلك كنايةً عن "الاثنى عشر"، وإن كان الذي ذكرت هو المعروف في كلام العرب؟ فقد علمت أن [من] المعروف من كلامها، (٢) إخراجُ كناية ما بين الثلاث إلى العشر، بالهاء دون النون، وقد قال الشاعر: (٣)


(١) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٣٥.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "أن المعروف من كلامها"، والسياق يقتضي إثبات ما أثبت بين القوسين، لأن هذا القائل، أقر أولا بأن ما قاله الطبري هو "المعروف من كلامها"، أي المشهور المتفق عليه. فالجيد أن يعترض عليه بشيء آخر، هو "الجائز في كلامها"، فمن أجل هذا المعنى زدت " من " بين القوسين، ليستقيم منطق الكلام.
(٣) هو عمر بن لجأ التيمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>