للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"الأوَّاه"، قال: المتضرع، قال: "إن إبراهيم لأوّاه حليم".

١٧٤١٧- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء، عن عبد الحميد، عن شهر، عن عبد الله بن شداد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأوّاه": الخاشعُ المتضرِّع". (١)

* * *

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، القولُ الذي قاله عبد الله بن مسعود، الذي رواه عنه زرٌّ: أنه الدعَّاء. (٢)

وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لأن الله ذكر ذلك، ووصف به إبراهيم خليله صلوات الله عليه، بعد وصفه إياه بالدعاء والاستغفار لأبيه، فقال: "وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدوٌّ لله تبرأ منه"، وترك الدعاء والاستغفار له. ثم قال: إن إبراهيم لدعَّاء لربه، شاكٍ له، حليمٌ عمن سبَّه وناله بالمكروه. وذلك أنه صلوات الله عليه وعد أباه بالاستغفار له، ودعاءَ الله له بالمغفرة، عند وعيد أبيه إياه، وتهدُّده له بالشتم، بعد ما ردَّ عليه نصيحته في الله وقوله: (أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَاإِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لأرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) ، فقال له صلوات الله عليه، (سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا) ، [مريم: ٤٦-٤٨] . فوفى لأبيه بالاستغفار له، حتى تبيَّن له أنه عدو لله، فوصفه الله بأنه دَعّاء لربه، حليم عمن سَفِه عليه.

* * *


(١) الأثران: ١٧٤١٦، ١٧٤١٧ - " عبد الحميد بن بهرام الفزاري "، ثقة، متكلم في روايته عن شهر بن حوشب. مضى مرارا. انظر رقم: ١٦٠٥، ٤٢٢١، ٦٦٥٠ - ٦٦٥٢.
و" شهر بن حوشب "، ثقة، متكلم فيه، مضى مرارا.
و" عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي "، تابعي ثقة، مضى برقم: ٥٠٨٨. وهذا مرسل.
(٢) انظر ما سلف من رقم ١٧٣٦١ - ١٧٣٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>