للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأصله من "التأوّه"، وهو التضرع والمسألة بالحزن والإشفاق، كما روى عبد الله بن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم (١) = وكما روى عقبة بن عامر، الخبَرَ الذي حدَّثنيه:-

١٧٤١٨- يحيى بن عثمان بن صالح السهمي قال، حدثنا أبي قال، حدثنا ابن لهيعة قال، حدثني الحارث بن يزيد، عن علي بن رباح، عن عقبة بن عامر: أنه قال لرجل يقال له "ذو البجادين": "إنه أواه"! وذلك أنه رجل كان يكثر ذكر الله بالقرآن والدعاء، ويرفَعُ صوته. (٢)


(١) انظر رقم: ١٧١٤١٦، ١٧١٧.
(٢) الأثر: ١٧٤١٨ - " يحيى بن عثمان بن صالح القرشي السهمي، المصري " شيخ الطبري طعن عليه؛ لأنه كان يحدث من غير كتبه. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٤ / ٢ / ١٧٥.
وأبوه: " عثمان بن صالح بن صفوان السهمي المصري "، ثقة، متكلم فيه. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٣ / ١ / ١٥٤ قال أبو حاتم: " كان شيخا صالحا سليم الناحية، قيل: كان يلقن؟ قال: لا ".
و" ابن لهيعة " مضى مرارا، وذكر الكلام فيه.
و" الحارث بن زبيد الحضرمي المصري "، ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير ١ / ٢ / ٢٨٣. وابن أبي حاتم ١ / ٢ / ٩٣.
و" علي بن رباح بن قصير اللخمي المصري "، ثقة، مضى برقم: ٤٧٤٧، ١٠٣٤١.
و" عقبة بن عامر الجهني "، صحابي، ولي إمرة مصر.
و" ذو البجادين "، هو " عبد الله بن عبد نهم المزني "، وهو مترجم في الإصابة، في اسمه هذا، وفي الاستيعاب: ٣٤٩، في " عبد الله ذو البجادين المزني "، وفي مثله في أسد الغابة ٣: ١٢٣.
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٤: ١٥٩، من هذه الطريق نفسها، وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٩: ٣٦٩، وقال: " رواه أحمد، والطبراني، وإسنادهما حسن ". وخرجه الحافظ بن حجر في الإصابة قال: " وأخرجه أحمد، وجعفر بن محمد الغريابي في كتاب الذكر، من طريق ابن لهيعة. . . " وساق الإسناد والخبر.
وفي أمر " عبد الله ذي البجادين "، إشكال هذا موضع عرضه مختصرا، وذلك أن صاحب الإصابة، ذكر في ترجمته أنه كان دليل النبي صلى الله عليه وسلم في هجرته، وذكر خبرا، رواه الهجري في نوادره (مخطوط) قال:
" قال عبد الله بن ذي البجادين المزني، وساق بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ساندا في الغَائر من الرَّكوبة، من الأبيض، جبل العرج في مُهاجَره: تَعَرَّضِي مَدَارِجًا وَسُومِي ... تَعَرُّضَ الجوْزاء لِلنُّجُومِ
هذَا أبُو القاسمِ فاسْتَقِيمي
وذكر الحافظ هذا الشعر في خبره، وذكر صاحب لسان العرب خبر دلالته لنبينا صلى الله عليه وسلم في مادة (بجد) ، وذكر الشعر في مادة (درج) ، و (عرض) ، وفيه خبر الهجري، و (سوم) .
والرجز يقوله لناقته، يقول لها: " تعرضي "، أي: خذي يمنة ويسرة، وتنكبي الثنايا الغلاظ بين الجبال، وهي " المدارج " - و " سومي " من السوم، وهو سرعة المر، مع قصد الصوب في السير - " تعرض الجوزاء "؛ لأن الجوزاء تمر على جنب معارضة، ليست بمستقيمة في السماء.
ويقال في سبب تسميته " ذا البجادين " أنه حين أراد المسير إلى النبي صلى الله عليه وسلم قطعت أمه بجادا باثنين، فاتزر بواحد، وارتدى بالآخر. ويقال إنه لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عبد الله لأبيه: " دعني أدله على الطريق "! فأبى، ونزع ثيابه عنه وتركه عريانا. فاتخذ بجادا من شعر وطرحه على عورته، ثم لحقهم، وأخذ بزمام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنشأ يرتجز، بما ذكرناه من رجزه.
والذي رأيناه في السير، أن دليل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مهاجره هو: " عبد الله بن أريقط الليثي "، و " عبد الله " هذا لم يكن مسلما، ولا وجد من طريق صحيح أنه أسلم بعد ذلك، وكان مستأجرا.
(ابن هشام ٢: ١٣٦ / الروض الأنف ٢: ٢٨، ثم ترجمته في الإصابة وغيرها) . وهو بلا شك غير ذي البجادين، لأن ذا البجادين، مزني؛ ولأنه مات في تبوك، ولأنهم ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينزل في قبر أحد، إلا خمسة، منهم عبد الله المزني، ذو البجادين.
فإذا عرف هذا تباعد الإشكال الموهم أنهما رجل واحد، واحتاج أمر دلالة ذي البجادين، إلى إيضاح لم تذكره كتب السير.

<<  <  ج: ص:  >  >>