للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما زال يبكي مُنْذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا! قال: فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك، فقد أذن لامرأة هلال أن تخدُمه؟ قال فقلت: لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يدريني ماذا يقول لي إذا استأذنته فيها، وأنا رجل شابٌّ!

= فلبثت بعد ذلك عشر ليالٍ، فكمل لنا خمسون ليلةً من حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا. (١) قال: ثم صليت صلاة الفجر صباحَ خمسين ليلة على ظهر بيتٍ من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله منّا، (٢) قد ضاقت عليّ نفسي وضاقت عليّ الأرض بما رحبت، سمعتُ صوت صارخٍ أوْفى على جبل سَلْع، (٣) يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر! قال: فخررت ساجدًا، وعرفت أن قد جاء فرجٌ. قال: وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر، (٤) فذهب الناس يبشروننا، (٥) فذهب قِبَلَ صاحبي مبشرون، وركض رجل إلي فرسًا، وسعى ساعٍ من أسْلَم قِبَلي وأوفى على الجبل، وكان الصوت أسرعَ من الفرس. فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني، نزعت له ثوبيَّ فكسوتهما إياه ببشارته، والله ما أملك غيرهما يومئذ، واستعرت ثوبين فلبستهما، وانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم. (٦)


(١) في صحيح مسلم " حين نهي عن كلامنا "، وضبط " نهي " بالبناء للمجهول، ورواية أبي جعفر، تصحح ضبطه بالبناء للمعلوم أيضا.
(٢) في المطبوعة: " التي ذكر الله عنا "، غير ما في المخطوطة، هو مطابق لما في صحيح مسلم، وهو العربي العريق.
(٣) " أوفى عليه "، صعده وارتفع عليه، فأشرف على الوادي منه واطلع.
(٤) " آذن " أعلم الناس بها. ورواية مسلم: " فآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس "، والذي هنا مطابق لرواية البخاري، بغير هذا الإسناد.
(٥) " ذهب "، سلف ما كتبته عن الاستعانة بقولهم: " ذهب " و " جعل ". انظر رقم: ١٧٤٢٩، ص: ٥٤١، تعليق ٣، والمراجع هناك.
(٦) انظر ص: ٥٥٣، تعليق: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>