للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والله ما تعمَّدت كِذْبَةً منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا، وإني أرجو أن يحفظني الله فيما بقي. قال: فأنزل الله: (لقد تابَ الله على النبي) ، حتى بلغ: (وعلى الثلاثة الذين خُلِّفوا) ، إلى: (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) .

= قال كعب: والله ما أنعم الله عليّ من نعمةٍ قطُّ بعد أن هَدَاني للإسلام أعظمَ في نفسي من صدقي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، أن لا أكون كذبته، (١) فأهلك كما هلك الذين كذبوه، فإن الله قال للذين كذبوا، حين أنزل الوحي، شَرَّ ما قال لأحدٍ: (سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون) ، إلى قوله: (لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) ، [سورة التوبة: ٩٥، ٩٦] .

= قال كعب: خُلِّفنا، أيها الثلاثة، (٢) عن أمر أولئك الذين قَبِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم توبتهم حين حَلفوا له، فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمْرَنا حتى قضى الله فيه. فبذلك قال الله: (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) ، وليس الذي ذكر الله مما خُلِّفنا عن الغزو، (٣) إنما هو تخليفه إيّانا، (٤) وإرجاؤه أمرَنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه. (٥)


(١) " أن لا أكون "، " لا " زائدة، كالتي في قوله تعالى: (مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) [سورة: الأعراف: ١٢] . انظر ما سلف في تفسير الآية ١٢: ٣٢٣ - ٣٢٥.
(٢) في المطبوعة: " خلفنا " دون " كنا "، لم يحسن قراءة المخطوطة، وما أثبته مطابق لرواية مسلم في صحيحه.
(٣) في صحيح مسلم: " مما خلفنا، تخلفنا عن الغزو "، والذي هنا وفي المخطوطة، مطابق لما فيه رواية البخاري بغير هذا الإسناد.
(٤) في المطبوعة: " ختم الجملة بقوله: " فقبل منهم " بالجمع، خالف ما في المخطوطة، وهو مطابق لما في صحيح مسلم والبخاري.
(٥) الأثر: ١٧٤٤٧ - حديث كعب بن مالك، سيرويه أبو جعفر من طرق سأبينها بعد. أما روايته هذه من طريق ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، فهو إسناد مسلم في صحيحه ١٧: ٨٧، ٩٨، وانظر التعليق على الأخبار التالية. وانظر الأثرين السالفين رقم: ١٦١٤٧، ١٧٠٩١، والتعليق عليهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>