للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: الرفع بمعنى: بسم الله إجراؤها وإرساؤها = فيكون "المجرى" و"المرسى" مرفوعين حينئذ بالباء التي في قوله: (بسم الله) .

والآخر: النصب، بمعنى: بسم الله عند إجرائها وإرسائها، أو وقت إجرائها وإرسائها = فيكون قوله: (بسم الله) ، كلامًا مكتفيًا بنفسه، كقول القائل عند ابتدائه في عمل يعمله: "بسم الله"، ثم يكون "المجرى" و"المرسى" منصوبين على ما نصبت العرب قولهم: "الحمد لله سِرارَك وإهلالك"، يعنون الهلال أوّله وآخره، كأنهم قالوا: "الحمد لله أوّل الهلال وآخره"، ومسموع منهم أيضا: "الحمدُ لله ما إهلالك إلى سِرارِك". (١)

* * *

وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين: (بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا) ، بفتح الميم من "مجراها"، وضمها من "مرساها"، فجعلوا "مجراها" مصدرًا من "جري يجري مَجْرَى"، و"مرساها" من "أرسَى يُرْسي إرساء". (٢)

وإذا قرئ ذلك كذلك، كانَ في إعرابهما من الوجهين، نحو الذي فيهما إذا قرئا: (مُجراها ومُرساها) ، بضم الميم فيهما، على ما بيَّنتُ.

* * *

وروي عن أبي رجاء العطاردي أنه كان يقرأ ذلك: (بِسْمِ اللهِ مُجْرِيهَا وَمُرْسِيهَا) ، بضم الميم فيهما، ويصيرهما نعتًا لله. وإذا قرئا كذلك، كان فيهما أيضًا وجهان من الإعراب، غير أن أحدهما الخفضُ، وهو الأغلب عليهما من وجهي الإعراب، لأن معنى الكلام على هذه القراءة: بسم الله مُجْرى الفلك ومرسيها = ف"المجرى" نعت لاسم الله. وقد يحتمل أن يكون نصبًا، وهو الوجه الثاني، لأنه يحسن دخول الألف واللام في "المجري" و"المرسي"، كقولك: "بسم الله


(١) قال الفراء في معاني القرآن، بعد ذلك: " يريدون: ما بين إهلالك إلى سرارك ".
(٢) انظر تفسير " الإرساء " فيما سلف ١٣: ٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>