للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المجريها والمرسيها"، وإذا حذفتا نصبتا على الحال، إذ كان فيهما معنى النكرة، وإن كانا مضافين إلى المعرفة.

* * *

وقد ذكر عن بعض الكوفيين أنه قرأ ذلك: (مَجْرَاهَا ومَرْسَاهَا) ، بفتح الميم فيهما جميعا، من "جرى" و"رسا"، كأنه وجهه إلى أنه في حال جَرْيها وحال رُسُوّها، وجعل كلتا الصفتين للفلك، كما قال عنترة:

فَصَبَرْتُ نَفْسًا عِنْدَ ذَلِكَ حُرَّةً ... تَرْسُو إذَا نَفَسُ الجبَانِ تَطَلّعُ (١)

* * *

قال أبو جعفر: والقراءة التي نختارها في ذلك قراءة من قرأ: (بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا) ، بفتح الميم (وَمُرْسَاهَا) ، بضم الميم، بمعنى: بسم الله حين تَجْري وحين تُرْسي.

وإنما اخترت الفتح في ميم "مجراها" لقرب ذلك من قوله: (وهي تَجْري بهم في موج كالجبال) ، ولم يقل: "تُجْرَى بهم". ومن قرأ: (بسم الله مُجْراها) ، كان الصواب على قراءته أن يقرأ: "وهي تُجْرى بهم". وفي إجماعهم على قراءة (تَجْرِي) ، بفتح التاء دليل واضع على أن الوجه في (مجراها) فتح الميم. وإنما اخترنا الضم في (مرساها) ، لإجماع الحجة من القراء على ضمّها.

ومعنى قوله (مجراها) ، مسيرها = (ومرساها) ، وقفها، من وقَفَها الله وأرساها.

* * *


(١) ديوانه: ٨٩ من أبيات، يقول قبله، يذكر الغراب، ويتشاءم به. إنَّ الَّذِينَ نَعَبْتَ لِي بِفِرَاقِهِمْ ... قَدْ أَسْهَرُوا لَيْلَ التِّمَامِ وأوْجَعُوا
وَعَرَفْتُ أنَّ مَنِيَّتِي إنْ تَأتِنِي ... لا يُنْجِنِي مِنْهَا الفِرَارُ الأسْرَعُ
فَصَبَرْتُ عَارِفَةً لذَلِكَ حُرَّةً ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
و" نفس عارفة "، حاملة الشدائد صبور، إذا حملت على أمر احتملته، من طول مكابدتها لأهوال هذه الحياة. و" ترسو "، تثبت. و" تطلع "، تنزو متلفتة إلى مهرب، أو ناصر، من الجزع والرعب.

<<  <  ج: ص:  >  >>