للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَجّعَنِي الرَّعْدُ وَالصَّوَاعِقُ بِال ... فَارِسِ يَوْمَ الكَرِيهَةِ النَّجُدِ (١)

* * *

قال أبو جعفر: وهذا القول الذي قاله ابن زيد في تأويل هذه الآية، قولٌ بعيد من تأويل الآية، مع خلافِه أقوالَ من ذكرنا قوله من أهل التأويل.

وذلك أنه جعل"الهاء" في قوله: (له معقبات) من ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يجر له في الآية التي قبلها ولا في التي قبل الأخرى ذكرٌ، إلا أن يكون أراد أن يردّها على قوله: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد له معقبات) فإن كان ذلك، (٢) فذلك بعيدٌ، لما بينهما من الآيات بغير ذكر الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإذا كان ذلك، فكونها عائدة على"مَنْ" التي في قوله: (ومَنْ هو مستخف بالليل) أقربُ، لأنه قبلها والخبر بعدها عنه.

فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: سواء منكم، أيها الناس من أسرّ القول ومن جهر به عند ربكم، ومن هو مستخف بفسقه وريبته في ظلمة الليل، وساربٌ يذهب ويجيء في ضوء النهار ممتنعًا بجنده وحرسه الذين يتعقبونه من أهل طاعة الله أن يحولوا بينه وبين ما يأتي من ذلك، وأن يقيموا حدَّ الله عليه، وذلك قوله: (يحفظونه من أمر الله) .

* * *

وقوله: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) يقول تعالى ذكره: (إن الله لا يغير ما بقوم) ، من عافية ونعمة، فيزيل ذلك عنهم ويهلكهم= (حتى يغيروا ما بأنفسهم) من ذلك بظلم بعضهم بعضًا، واعتداء بعضهم على بعض،


(١) الأثر: ٢٠٢٥٠ - رواه السيوطي في الدر المنثور ٤: ٤٨، ٤٩، ونسبه لابن جرير وأبي الشيخ، ولم أجده في غير هذين المكانين.
(٢) في المطبوعة:" فإن كان أراد ذلك"، زاد من عنده ما لا حاجة إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>