للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنه صار في السَّرَب بالنهار مستخفيًا. (١)

* * *

وقال بعض نحويي البصرة والكوفة: إنما معنى ذلك: (ومن هو مستخف) ، أي مستتر بالليل من الاستخفاء= (وسارب بالنهار) : وذاهبٌ بالنهار، من قولهم:"سَرَبت الإبل إلى الرَّعي، وذلك ذهابها إلى المراعي وخروجها إليها.

وقيل: إن"السُّرُوب" بالعشيّ، و"السُّروح" بالغداة.

* * *

واختلفوا أيضًا في تأنيث"معقبات"، وهي صفة لغير الإناث.

فقال بعض نحويي البصرة: إنما أنثت لكثرة ذلك منها، نحو:"نسّابة"، و"علامة"، ثم ذكَّر لأن المعنيَّ مذكّر، فقال:"يحفظونه".

* * *

وقال بعض نحويي الكوفة: إنما هي"ملائكة معقبة"، ثم جمعت"معقبات"، فهو جمع جمع، ثم قيل:"يحفظونه"، لأنه للملائكة.

* * *

وقد تقدم قولنا في معنى:"المستخفي بالليل والسارب بالنهار". (٢)

وأما الذي ذكرناه عن نحويي البصريين في ذلك، فقولٌ وإن كان له في كلام العرب وجهٌ، خلافٌ لقول أهل التأويل. (٣) وحسبه من الدلالة على فساده، خروجه عن قولِ جميعهم.

* * *

وأما"المعقبات"، فإن"التعقيب" في كلام العرب، العود بعد البدء، والرجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه، (٤) من قول الله تعالى: (وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ) ، أي: لم يرجع، وكما قال سلامة بن جندل:


(١) " السرب" (بفتحتين) : حفير تحت الأرض.
(٢) انظر ما سلف ص: ٣٦٦ - ٣٦٨.
(٣) سياق الكلام:" فقول.. خلاف لقول أهل التأويل".
(٤) سلف أيضًا تفسير" المعقبات" ص: ٣٦٩، وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>