واختلف أهل العربية في وجه وصف الرياح باللقح، وإنما هي ملقحة لا لاقحة، وذلك أنها تلقح السحاب والشجر، وإنما توصف باللقح الملقوحة لا الملقح، كما يقال: ناقة لاقح. وكان بعض نحويي البصرة يقول: قيل: الرياح لواقح، فجعلها على لاقح، كأن الرياح لقحت، لأن فيها خيرا فقد لقحت بخير. قال: وقال بعضهم: الرياح تلقح السحاب، فهذا يدلّ على ذلك المعنى، لأنها إذا أنشأته وفيها خير وصل ذلك إليه وكان بعض نحويي الكوفة يقول: في ذلك معنيان: أحدهما أن يجعل الريح هي التي تلقح بمرورها على التراب والماء فيكون فيها اللقاح، فيقال: ريح لاقح، كما يقال: ناقة لاقح، قال: ويشهد على ذلك أنه وصف ريح العذاب فقال (عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) فجعلها عقيما إذا لم تلقح. قال: والوجه الآخر أن يكون وصفها باللقح، وإن كانت تلقح، كما قيل: ليل نائم والنوم فيه، وسرّ كاتم، وكما قيل: المبروز والمختوم، فجعل مبروزا، ولم يقل مبرزا بناه على غير فعله، أي أن ذلك من صفاته، فجاز مفعول
(١) هذا الرجز، أورده الفراء في معاني القرآن (ص ١٦٧) قال: وقوله " وأرسلنا الرياح لواقح " وقرئ الريح، قرأ حمزة، فمن قال: " الريح لواقح " فجمع اللواقح والريح واحدة، لأن الريح في معنى جمع، ألا ترى أنك تقول: جاءت الريح من كل مكان، فقيل لواقح لذلك كما قيل: تركته في أرض أغفال وسباسب، ومهارق وثوب أخلاق، ومنه قول الشاعر: جاء الشتاء ... الخ البيت. وأما من قال: الرياح لواقح، فهو بين، ولكن يقال: إنما الريح ملقحة، تلقح الشجر، فكيف قيل: لواقح؟ في ذلك معنيان: أحدهما أن تجعل الريح هي التي بمرورها على التراب والماء، فيكون فيها اللقاح، فيقال ريح لاقح، كما يقال: ناقة لاقح، ويشهد على ذلك أنه وصف ريح العذاب فقال: " عليهم الريح العقيم "، فجعلها عقيما إذ لم تلقح. والوجه الآخر: أن يكون وصفها باللقح، وإن كانت تلقح (بضم التاء) كما قيل: ليل نائم، والنوم فيه، وسر كاتم. ولسان العرب: (خلق) : وقد يقال: ثوب أخلاق، يصفون به الواحد، إذا كانت الخلوقة فيه كله، كما قال برمة أعشار، وثوب أكباش (ضرب من نسج اليمن) وحبل أرمام وأرض سباسب، وهذا النحو كثير، وكذلك: ملاءة أخلاق وبرمة أخلاق (عن اللحياني) أي نواحيها أخلاق. قال: وهو من الواحد الذي فرق ثم جمع. قال: وكذلك: حبل أخلاق: وقربة أخلاف عن ابن الأعرابي، التهذيب: يقال ثوب أخلاق يجمع بما حوله، وقال الراجز: جاء الشتاء ... الخ والتواق ابنه، قلت: والرواية عند الفراء وفي اللسان " يضحك منه "، وعند المؤلف " يضحك مني "، والمعنى قريب بعضه من بعض.