للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لمفعل، كما جاز فاعل لمفعول، إذا لم يرد البناء على الفعل، كما قيل: ماء دافق.

والصواب من القول في ذلك عندي: أن الرياح لواقح كما وصفها به جلّ ثناؤه من صفتها، وإن كانت قد تلقح السحاب والأشجار، فهي لاقحة ملقحة، ولقحها: حملها الماء وإلقاحها السحاب والشجر: عملها فيه، وذلك كما قال عبد الله بن مسعود.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا المحاربي، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن قيس بن سكن، عن عبد الله بن مسعود، في قوله (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ) قال: يرسل الله الرياح فتحمل الماء، فتجري السحاب، فتدر كما تدر اللقحة ثم تمطر.

حدثني أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المنهال، عن قيس بن سكن، عن عبد الله (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ) قال: يبعث الله الريح فتلقح السحاب، ثم تمريه فتدر كما تدر اللقحة، ثم تمطر.

حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا أسباط بن محمد، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن قيس بن السكن، عن عبد الله بن مسعود، في قوله (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ) قال: يرسل الرياح، فتحمل الماء من السحاب، ثم تمري السحاب، فتدر كما تدر اللقحة، فقد بين عبد الله بقوله: يرسل الرياح فتحمل الماء، أنها هي اللاقحة بحملها الماء وإن كانت ملقحة بإلقاحها السحاب والشجر.

وأما جماعة أُخَر من أهل التأويل، فإنهم وجَّهوا وصف الله تعالى ذكره إياها بأنها لواقح، إلى أنه بمعنى ملقحة، وأن اللواقح وضعت موضع ملاقح، كما قال نهشل بن حري:

لِيُبْكَ يَزِيدُ بائِسٌ لِضَرَاعَةٍ ... وأشْعَثُ ممَّنْ طَوَّحَتْهُ الطَّوَائِحُ (١)


(١) البيت لنشهل بن حرى على الأصح، شاعر مخضرم، وقد ينسب إلى غيره، وصوب البغدادي نسبته إلى نشهل، وقد استشهد به أبو عبيدة بهذه الرواية نفسها عند تفسير قوله تعالى: " وأرسلنا الرياح لواقح " قال: مجازها مجاز ملاقح، لأن الريح ملقحة السحاب للعرب. قد تفعل هذا، فتلقي الميم، لأنها تعيده إلى أصل الكلام، كقول نهشل بن حري يرثي أخاه " لبيك يزيد " ... الخ البيت. فحذف الميم، لأنها المطاوع، وأورد البيت صاحب (اللسان: طيح) باختلاف في بعض الألفاظ قال: وأنشد سيبويه: لِيُبْكَ يَزيدٌ ضَاِرعٌ لِخُصُومَةٍ ... ومُخْتَبطٌ مِمَّا تُطيحُ الطَّوَائِحُ
وقال (سيبويه) : الطوائح: على حذف الزائد، أو على النسب قال ابن جني: أول البيت مبني على أطراح ذلك الفاعل، فإن آخره (كذا في اللسان) قد عوود فيه الحديث على الفاعل، لأن تقديره فيما بعد: ليبك مختبط مما تطيح الطوائح، فدل قوله: ليبك (بالبناء للمفعول) على ما أراد من قوله " ليبك " (أي بالبناء للفاعل) أهـ. والمختبط: الذي يسلك من يسلك من غير معرفة ولا وسيلة بيكمنا. وانظر خزانة الأدب البغدادي (١: ١٤٧ - ١٥٢) ففيها كلام كثير في معنى البيت وروايته وقائله.

<<  <  ج: ص:  >  >>