للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: إن الله يجيء بالموت يوم القيامة، وقد صار أهل الجنة وأهل النار إلى منازلهم، كأنه كبش أملح، فيقف بين الجنة والنار، فينادي أهل الجنة وأهل النار هذا الموت، ونحن ذابحوه، فأيقنوا بالخلود.

وقال آخرون: عنى بذلك السماء والأرض والجبال.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ) قال: السماء والأرض والجبال.

وقال آخرون: بل أريد بذلك: كونوا ما شئتم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ) قال: ما شئتم فكونوا، فسيعيدكم الله كما كنتم.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ) قال: من خلق الله، فإن الله يميتكم ثم يبعثكم يوم القيامة خلقا جديدا.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره قال (أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ) ، وجائز أن يكون عنى به الموت، لأنه عظيم في صدور بني آدم؛ وجائز أن يكون أراد به السماء والأرض؛ وجائز أن يكون أراد به غير ذلك، ولا بيان في ذلك أبين مما بين جلّ ثناؤه، وهو كلّ ما كبر في صدور بني آدم من خلقه، لأنه لم يخصص منه شيئا دون شيء.

وأما قوله (فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا) فإنه يقول: فسيقول لك يا محمد هؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة (مَنْ يُعِيدُنا) خلقا جديدا، إن كنا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدورنا، فقل لهم: يعيدكم (الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) يقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>