غسق الليل، لا عند غسق الليل، وأما قوله (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) فإن معناه وأقم قرآن الفجر: أي ما تقرأ به صلاة الفجر من القرآن، والقرآن معطوف على الصلاة في قوله (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) .
وكان بعض نحويي البصرة يقول: نصب قوله (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) على الإغراء، كأنه قال: وعليك قرآن الفجر (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) يقول: آن ما تقرأ به في صلاة الفجر من القرآن كان مشهودا، يشهده فيما ذكر ملائكة الليل وملائكة النهار.
وبالذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل: وجاءت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عبيد بن أسباط بن محمد القرشي، قال: ثني أبي، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن ابن مسعود عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في هذه الآية (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) قال: "تَشْهَدُهُ مِلائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلائِكَةُ النَّهارِ".
حدثنا محمد بن سهل، قال: ثنا آدم، قال: ثنا ليث بن سعد، وحدثنا محمد بن سهل بن عسكر، قال ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا الليث بن سعد، عن زيادة بن محمد، عن محمد بن كعب القرظي، عن فضالة بن عبيد، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله يَفْتَحُ الذّكْرَ فِي ثَلاثِ ساعات يَبْقِينَ مِنَ اللَّيْلِ: في السَّاعَةِ الأولى مِنْهُنَّ يَنْظُرُ فِي الكِتابِ الَّذِي لا يَنْظُرُ فِيهِ أحدٌ غيرُه فَيَمْحُوا ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ، ثُمَّ يَنزلُ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ إلى جَنَّةِ عَدْنٍ، وَهيَ دَارُهُ الَّتي لَمْ تَرَها عَيْنٌ، وَلا تَخْطُرُ عَلى قَلْبِ بَشَرٍ، وَهيَ مَسْكَنُهُ، وَلا يَسْكُنُ مَعَهُ منْ بَنِي آدَمَ غيرُ ثَلاثَةٍ: النَّبِيِّينَ والصّدَيقِينَ والشُّهَدَاءِ ثُمَّ يَقُولُ: طُوبَى لِمَنْ دَخَلَكِ، ثُمَّ يَنزلُ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِرُوحِهِ وَمَلائكَتِهِ فتنتفض، فَيَقُولُ: قُومي بعَوْنِي، ثُمَّ يَطَّلعُ إلى عِبادِهِ، فَيَقُولُ: مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي أغْفِرْ لَهُ، مَنْ يَسْأَلْنِي أُعْطِهِ، مَنْ يَدْعونِي فَأسْتَجِيبَ لَهُ حتى يَطْلُعَ الفَجْرُ، فذلك حين يقول (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) قال