للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جداً من جهال المسلمين فيختارون فرداً منهم، ماذا يفيد هذا الفرد وجوده في مجلس الأمة؟ لا شيء.

إذاً: كيف كان الأمر في العهد الأول، أو نسيت أن أقول أن ليس فقط أنه يرشح الذكر بل والأنثى أيضاً، كل هذا ليس نظاماً إسلامياً، كيف كان الأمر سابقاً؟ كان الأمر يعود إلى الخليفة المسلم هو يختار مجلس الشورى، وبلا شك هؤلاء المختارون لمجلس الشورى لا يلاحظ فيهم سوى، - أما الإسلام فالبلد إسلامي، - فما في حاجة لذكره لا يلاحظ فيه غير أن يكونوا أولاً: صالحين، وأن يكونوا من العلماء العاملين بعلمهم، وثالثاً وأخيراً: أن يكونوا أصحاب رأي وفكر، فقد تجد رجلاً صالحاً، كما يقول إمام دار الهجرة الإمام مالك رحمه الله: في المدينة أقوام نتبرك بدعائهم لكن لا نروي الحديث عنهم، الحديث النبوي ما بيروى عنهم، مع أنهم صالحين يتبرك بدعائهم، هو يطلب منهم الدعاء، لكن لا يروي عنهم الحديث؛ لأن الحديث له رجال لا يكفي أن يكونوا رواة الحديث صدوقين كما يقول أهل الجرح والتعديل، بل لا بد أن يكونوا مع ذلك أيْقاظاً نابهين، فلا يفوت عليهم الغش والزغل، فإذا كان الحاكم المسلم يريد أن يختار مجلس الشورى فهو لا يكتفي بأن يكون المختار صالحاً، ولا يكتفي أن يكون عالماً فقط أيضاً، وإنما يجب أن يكون نابهاً يعرف كيف تعالج أمور الأمة يعرف كما يقال قديماً: كيف تؤكل الكتف، فهذا الخليفة أو هذا الإمام يختار هو مستعيناً بمن يعرفهم طيلة حياته مجلس الشورى، هؤلاء مجلس الشورى هم مجلس الوزراء خلينا نسميه الآن، أما هذه الهوبة مثلما يقولوا عندنا بالشام أو إيش قصدي من كل أفراد الشعب ليختاروا ثمانين شخصاً أو اقل أو أكثر حسب عدد نفوس الإقليم، هذا لم يعرفه المسلمون طيلة هذه القرون الطويلة، وإنما أخذوه كما قلنا آنفاً من قبل المستعمرين لهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>