للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جيدًا أن علماء الحنفية قد نصوا في مسألة فقهية مع اعترافهم بأنها سنة محمدية أنه ينبغي تركها أحيانًا، ألا وهي سنة قراءة سورة السجدة يوم الجمعة، فهذا ثابت في الصحيحين، مع ذلك نص علماء الحنفية على أن إمام المسجد ينبغي عليه أن يدع هذه السنة أحيانًا خشية أن يترتب من وراء مواظبة الأئمة على هذه السنة قيام عقيدة في أذهان العامة تنافي هذه السنة وترفع حكمها فوق مستواها، وأنا عندي شواهد على هذا مما يؤكد لنا هذه الدقة في الفقه والفهم للسنة.

أذكر جيدًا أن إمام المسجد الكبير في دمشق الشام، مسجد بني أمية: صلى الإمام فيه صلاة الفجر يوم الجمعة ولم يقرأ سورة السجدة، فما كاد الإمام يسلم إلا قام قامت ضجة عظيمة جدًا من المصلين، ثاروا على الإمام لماذا أنت لم تقرأ سورة السجدة فأخذ الإمام يحاول إقناعهم بأنه يا أخواننا أنا أعلم أن هذه سنة وأنا أقرأ بها دائمًا في فجر كل جمعة، ولكن ينبغي ترك هذه السنة أحياناً، ولكن كما قال الشاعر:

ولو ناديت أسمعت حيًا ... ولكن لا حياة لمن تنادي

ولو نارًا نفخت فيها أضاءت ... ولكن أنت تنفخ في رماد

إلى زمن بعيد جدًا سبب أن هذا الإمام ترك قراءة سورة السجدة في ذلك الصباح، وأغرب من ذلك ما وقع لي شخصيًا: كنت ... في قرية تبعد عن دمشق تقريبًا نحو ستين كيلو متر اسمها: مضايا وهي في جبل، فنزلت صباح الجمعة إلى المسجد لأصلي مع جماعة المسلمين هناك فاتفق أن الإمام لم يأت، فنظروا فلم يجدوا هناك سواي وأنا يومئذٍ شاب لكن لحيتي بدأت تنبت، فظنوا بي خيرًا فقدموني، أنا في الحق لا أحفظ سورة السجدة جيدًا، فما أحببت أن أخاطر فافتتحت سورة مريم وقرأت منها الصفحتين الأوليين في الركعة الأولى، فلما

<<  <  ج: ص:  >  >>