للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحابة، كان أحدهم إذا سئل عن مسألة أواستفتي عن فتوى يتمنى أن يتولى ذلك غيره من العلماء الصحابة الحاضرين، والسبب في ذلك: هوأنهم يخشون أن يقعوا في خطأ فيوقعون غيرهم في الخطأ، فيتمنى أحدهم ألا يتحمل هذه المسئولية ويتحملها غيره.

أما الآن فالظاهرة معاكسة تمامًا مع الأسف الشديد، وذلك يعود إلى سبب واضح وأنا أذكره دائمًا وأبدًا: هوأن التفتح الذي نشعر به الآن للكتاب والسنة والدعوة السلفية هوأمرٌ حادث، ولم يمضي على هذا التفتح الذي يسمونه بالصحوة، لم يمضي زمن طويل حتى يجني هؤلاء الناس ثمرة هذه الصحوة أو هذا التفتح في أنفسهم.

أي: أن يتربوا على أساس الكتاب والسنة، ثم هم بالتالي يفيضون بهذه التربية الصحيحة القائمة على الكتاب والسنة، يفيضون بها على غيرهم ممن حولهم الأدنى فالأدنى.

فالسبب أن هذه الدعوة لم يظهر أثرها؛ لأنها حديثة العهد بهذا العصر الذي نحن نعيش فيه، ولذلك نجد الظاهرة المعاكسة لما ذكرناه آنفًا مما رواه عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أولئك الصحابة الذين كانوا يتورعون عن أن يسألوا، ويتمنون أن يسأل غيرهم، وما كانوا يجيبون على السؤال إلا لعلمهم بأنه لا يجوز لهم أن يكتموا العلم، لكن في قرارة قلوبهم كانوا يتمنون أن يتولى ذلك غيرهم.

أما الآن فتجد في كثير من المجتمعات السلفية فضلًا عن غيرها، يسأل أحد مِمَّن يظن فيه أنه أكثر من الحاضرين علمًا، وإذا بك تجد فلاناً بدأ يتكلم وهو غير مسؤول، وفلان بدأ يتكلم وهو غير مسؤول، ما الذي يدفع هؤلاء؟ هوحب الظهور .. هوالأنانية، أنا هنا، أي: أنا عندي علم وما شاء الله علي، هذا يدل على

<<  <  ج: ص:  >  >>