إذاً: إذا أردنا أن نعرف ما كان عليه - صلى الله عليه وآله وسلم - وما كان عليه أصحابه الكرام فلا مناص من التعرف على هذين العلمين، ودراستهما دراسة واسعة جداً مصطلح الحديث والجرح والتعديل، فمن جمع بين هذين العلمين يتمكن من تمييز الصحيح من الضعيف، فأين نحن اليوم من هذا العلم الذي يمكننا من معرفة الصحيح من الضعيف، هذه المعرفة هي التي تربطنا بالفرقة الناجية، وإلا سنكون بعيدين بعداً بعيداً كثيراً أو قليلاً على حسب العلم والجهل بهذا العلم الحديث وعلم الجرح والتعديل.
إذا عرفتم هذه الحقيقة فالخلاف الذي وقع قديماً بين الفرق الإسلامية والذي لا يزال مستمراً إلى هذا اليوم من أعظم أسبابه هو انصراف لا أقول عامة المسلمين، بل أقول انصراف خاصة المسلمين عن دراسة هذا العلم وعن إشاعته، وعن تقديم ثمراته إلى كافة المسلمين ليكونوا كما قال رب العالمين في القرآن الكريم:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[يوسف: ١٠٨].
فإذاً: من أسباب الخلاف المستمر هو الابتعاد عن دراسة هذا العلم باختصار علم الحديث، هناك سبب آخر كان هذا قديماً، كان قبل أن يتوفر لجمع السنة علماء سخرهم الله عز وجل لخدمة الإسلام بخدمة سنة النبي عليه الصلاة والسلام، أما اليوم فهذا السبب قد زال وبقي سبب إهمال دراسة هذا العلم، أما السبب الذي قد زال فيجب أن تعرفوه؛ لأنه يترتب من وراء ذلك أن تعرفوا سبب اختلاف علماء المسلمين قديماً حتى اليوم في بعض المسائل الفقهية.
أنتم تعلمون جميعاً إن شاء الله بأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان له أحوال حينما يتكلم، تارة يتكلم في المسجد، وعلى حسب عدد الناس الموجودين في المسجد يكون