للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغربوا وتفرقوا في البلاد في سبيل إعلاء كلمة الله عز وجل، وكما تعلمون ما شاء الله الفتوحات الإسلامية وصلت شرقاً إلى الصين وغرباً إلى إسبانيا التي كانت تعرف يومئذ بالأندلس، هل كان يمكن يومئذ لشخص أن يلحق بهؤلاء الصحابة الذين تفرقوا في البلاد في سبيل الجهاد، هذا أمر أيضاً مستحيل، ولكن بدأت نواة كمحاولة أولى لجمع ما عند بعض هؤلاء الأفراد من بعض التابعين، كانوا وقد حرصوا على أن يتصلوا ببعض الصحابة والذي استن لهؤلاء التابعين سنة الجمع من مختلف الصحابة على ما تيسر له هو أبوهريرة رضي الله عنه، أبو هريرة هو الحافظ الذي يمكن أن يستحق هذا اللفظ من بين أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام مع أنه ما أسلم إلا قبل وفاته عليه السلام بنحو سنتين ونصف، مع ذلك كان أكثر أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حديثاً لماذا؟

هو يحدثنا عن نفسه، يقول: كنت أقنع بشبع بطني بلقيمات ثم بعد ذلك أجلس مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وآخذ الحديث منه، هذا سبب.

ويضيف إلى ذلك بأن أصحابه عليه السلام كانوا مشغولين بالصفق في الأسواق، مشغولين بالتجارة؛ لكن هم الذين مدحهم رب العالمين بقوله: {لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ} [النور: ٣٧]، لكن أبو هريرة تفرد عنهم بأنه كان زاهداً وكان يكتفي بلقيمات ثم سائر الوقت مع الرسول عليه الصلاة السلام وكأنه عرف أنه تأخر إسلامه، فأراد أن يعوض إسلامه ما فاته من الصحبة الطويلة التي حضي بها أمثال أبي بكر وعمر والسابقون الأولون من الصحابة، ولذلك أعرض عن الدنيا كلها وأقبل على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -.

الشيء الثاني مما جعله حافظ الصحابة أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال ذات يوم: «من يبسط ثوبه ثم يحفظ كل ما يسمعه مني»؟ فكان السابق إلى ذلك أبو هريرة، فبسط ثوبه

<<  <  ج: ص:  >  >>