ثم طواه قال أبو هريرة: فما نسيت بعد ذلك شيئاً سمعته من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -. هذا السبب الثاني.
والسبب الثالث وهو الشاهد، ما كان يقنع بأن يسمع من الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فقط، كان يروح عند الصحابة أبو بكر وعمر وغيره .. وغيره، ويلتقط منه ما كان حفظه من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -.
فإذاً: هو الذي سَنَّ للتابعين ولمن بعدهم جمع الأحاديث من مختلف الرواة، ولذلك يلاحظ الدارس لحديث أبي هريرة أنه يجد أحاديثه تنقسم إلى قسمين، في بعضها يقول سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، في أكثرها يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وهذا من دقته وأمانته فيما كان سمعه منه عليه السلام يقول: سمعت رسول الله يقول، وفيما سمعه من غيره، ما يقول: سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وإنما يقول قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ والسبب هوأنه تأخر إسلامه وما سمعه من الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - كان قليلاً، فأراد أن يستدرك ما فاته أن يتصل مع أصحابه القدامى فجمع منه فكان بهذه الأسباب الثلاثة أكثر أصحاب الرسول عليه السلام حديثاً، ولذلك الآن المشتغلون بعلم الحديث وبكتب الحديث يجدون أحاديث أبي هريرة في كل كتاب من كتب السنة لها السبق الأعلى في العدد وفي الكمية، خذوا مثلاً مثالاً واضحاً جداً مسند الإمام أحمد ستة مجلدات، المجلد الثاني منه نصفه هولأبي هريرة، من ستة مجلدات فيها أحاديث الصحابة كلهم، هذا الذي الإمام أحمد استطاع بالطريقة التي أشرت إليها الاتصال مع الناس وجمع الأحاديث، فكان مسند أبي هريرة في مسند الإمام أحمد أخذ نصف المجلد الثاني أي: واحد من اثنا عشر.
فبارك الله عز وجل لأبي هريرة بهذه الأسباب ومنها التي بها يتمكن المسلم