للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنها تضر أكثر مما تنفع، وهذا الكلام له صلة بمبدأ المقاطعة المعروفة في الإسلام، أو الهجر في الله.

كثيراً ما نسأل فلان صديقنا وصاحبنا لكنه لا يصلي، يشرب دخان، يفعل كذا .. إلى آخره، نقاطعه؟

أقول له: لا تقاطعه، لأن مقاطعتك له هو الذي يريد هو، مقاطعتك له لا تفيده، بالعكس بتسره وتجعله في ضلالة، وأذكر بهذه المناسبة مثل ثاني بالنسبة لذاك الرجل الفاسق التارك للصلاة تاب، وراح يصلي أول صلاة في المسجد وإذا به يجد الباب مغلقاً، قال له أنت مسكر وأنا مبطل، فهذا الفاسق هل يريد هذا المسلم يقاطعه، هذا لسان حاله، أنت مسكر أنا مبطل، ... لأنه صحبة الصالح للطالح بتحجر عليه من صلاحه، وهذا الطالح لا يرده، فإذا الصالح قاطعه فذلك ما يريده، لذلك فالمقاطعة وسيلة شرعية يراد بها تحقيق مصلحة شرعية، وهو تأديب المهاجر المقاطع، فإذا كانت المقاطعة لا تؤدبه بل تزيده ضلالاً على ضلال، حينئذ لا ترد المقاطعة في ذلك.

نحن اليوم لا ينبغي أن نتشبث بالوسائل التي كان يتعاطاها السلف لأنهم كانوا ينطلقون بها من موقف القوة والبدعة، واليوم شاهدوا كيف أوضاع المسلمين، ضعفاء في كل شيء، ليس فقط في الحكومات، الأفراد، الأمر كما قال عليه السلام: «إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء، قالوا: من هم يا رسول الله؟ ! قال: ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم» فلو نحن فتحنا باب المقاطعة والهجر والتبديع لازم نعيش في الجبال، إنما نحن واجبنا اليوم: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>