للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقامت القيامة ضده لكن لم تقم القيامة ضد ذلك الصحابي الذي شذ في رأي ما .. في حكم ما .. عن الحكم الذي يتبناه الآخرون.

فقد كان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ينهى أن يحج الحاج متمتعاً وسلك سبيله في هذا النهي من بعده عثمان بن عفان رضي الله عنهما جميعاً، ولما حج عثمان في عهد خلافته أيضاً نهى الحجاج معه أن يتمتعوا بالعمرة إلى الحج فوقف في وجهه علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وهو فرد من أفراد الأمة وهو الخليفة من بعده قال له: ما لك تنهى عن شيء فعلناه في عهد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -! لبيك اللهم بعمرة وحج.

ذاك ينهى عن التمتع بالعمرة إلى الحج وهذا يعلنها في وجهه أنه هكذا السنة مع ذلك لم يتفرق الشعب من بينهم وإنما ظلوا يحترمون رأي كل واحد وقد يميلون لرأي الخليفة؛ لأنه خليفة المسلمين إلى آخره، لماذا؟ لأن الخلاف إذا نشب بين العلماء فينبغي أن يبقى محصوراً بينهم ولا ينتقل عدوى هذا الخلاف إلى الشعب؛ لأن الشعب ليس عنده من الرصانة ومن الحصافة والفكر بحيث أنه يمنعه من أن يشتط في الخلاف.

كذلك مثلاً: كان عثمان بن عفان يرى بأن الرجل إذا جامع زوجته ولم يمني فيكفيه الوضوء دون الغسل، مع أن هذا مخالف للحديث الصحيح الصريح: «إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل أنزل أو لم ينزل» مع ذلك ما صار هناك فتنة ولا صار خلاف بينه وبين عائشة مثلاً التي هي تروي الحديث المخالف لقول عثمان رضي الله تعالى عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>