للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مادية أم كانت معنوية، هذا مأخوذ من شريعتنا! فاسمعوا حديث نبيكم الذي أثبت تأثير البيئة وشرع لنا أن نعيش في البيئة الصالحة ولا نعيش في البيئة الطالحة حتى لا نتأثر بأخلاق أهلها، قال عليه الصلاة والسلام: «كان فيمن قبلكم رجل قتل تسعًة وتسعين نفسًا، ثم أراد أن يتوب إلى الله فسأل عن أعلم أهل الأرض فَدُلَّ على راهب» من كان حظه سيئًا، هو سأل أين أعلم أهل الأرض فدل على جاهل لكنه متعبد.

وهذا من مصيبة الناس في كل عصر ودهر، يظنون الرجل المتعبد أنه يتعبد على علم كأنهم يتصورون أن اجتماع العلم والصلاح أمر ضروري متلازم، مع الأسف ليس الأمر كذلك، فكم من متعبد جاهل وكم من عالم فاسق، وقَلَّما يجتمع العلم والصلاح، لذلك كان هذا الرجل الفاجر الذي قتل تسعًة وتسعين نفسًا بغير حق كان عاقلًا حينما سأل أن يَدُلُّوه على أعلم أهل الأرض لكن أساؤوا الدلالة فدلوه على راهب، «فجاء ... وقال له: إني قتلت تسعًة وتسعين نفسًا فهل لي من توبة؟ قال: قتلت تسعًة وتسعين نفسًا وتسأل عن التوبة! لا توبة لك، فأكمل به العدد المائة» لكنه رجل مُصِر على التوبة والرجوع إلى الله عز وجل «فما زال يسأل عن أعلم أهل الأرض حتى دل عليه، فأتاه، وقص له القصة: إني قتلت مائة نفس بغير حق، فهل لي من توبة؟ قال: من يحول بينك وبين التوبة؟ ! » والشاهد في قوله الآتي: «ولكنك بأرض سوء فاخرج منها» هذه البيئة وتأثيرها!

« .. بأرض سوء فاخرج منها إلى القرية الفلانية الصالح أهلها، فخرج» خروجه دليل أنه كان جادًا في توبته إلى ربه، ويشاء الله عز وجل أن يتوفاه وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>