مداخلة: طبعاً ذكر شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أهل الجحيم: أن الرجل قد يحضر في مناسبة كمولد ونحوه من البدع، ويثاب على حسن قصده وعدم علمه بأن ذلك الأمر الذي حضره أمر مخالف لما جاء عن الله ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فما قولكم في ذلك؟
الشيخ: لا شك أن هذا كلام رجل عالم وحسبك أن القائل هو شيخ الإسلام ابن تيمية، هو يقول: وهو لا يعلم، فهل نقول له: اعلم كل شيء؟ لكن أنا سأقول شيئاً آخر: يجوز للمسلم أن يحضر موضعاً من مثل هذه المواضع، وهو يعلم أنها مهلكة، وأنها غير مشروعة، لكنه لا يحضرها تزلفاً، ولا يحضرها مراءاة، وإنما يحضرها لكي ينبه على عدم شرعيتها أو إذا لم يتمكن أو يمكنه الوضع العام من أن ينكر أصل هذه البدعة، فهو ينكر ما قد يقع في هذا الأمر، مما إذا أنكره لا يترتب عليه مفسدة هي أكبر من المصلحة التي هو ينبه عليها ويذكر الناس بها، هذا طبعاً انطلاقاً من القاعدة الفقهية المعروفة لدى أهل العلم: أن جلب المصلحة قبل دفع المفسدة، والعكس تماماً إذا كانت المفسدة المظنون وقوعها هي أكثر من المصلحة التي ينشدها، ونحن نعلم أن النبي الله عليه وآله وسلم كان يحضر مجامع المشركين ونواديهم، ولا شك أنه كان يقع فيها منكرات كثيرة وكثيرة جداً، ومن منا لا يعلم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو يصلي في المسجد الحرام كان يؤذى وكان يوضع السلى والقذى والنجاسة ربما على ظهره - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو يصلي، لكنه كان يحضر المجالس ليقوم بواجب دعوتهم إلى التوحيد كما هو معلوم من سيرته عليه الصلاة والسلام، لكنه إلى جانب هذا حينما فتح الله له مكة ودخل