للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما السنة فالنصوص فيها كثيرة طيبة في تأييد القاعدة المتقدمة، وهي لا تنحصر في باب واحد من أبواب الشريعة المطهرة كالصلاة مثلاً، بل قد تعدتها إلى غيرها من العبادات والآداب والاجتماعيات والعادات، وهي بيان وتفصيل لما أجمل في الآيات السابقة ونحوها كما قدمت الإشارة إليه. وها نحن أولاء نسوقها بين يديك؛ لتكون على بصيرة فيما ذهبنا إليه:

١ - عن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قال:

«اهتم النبي - صلى الله عليه وسلم - للصلاة كيف يجمع الناس لها، فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة، فإذا رأوها آذن بعضهم بعضاً، فلم يعجبه ذلك، قال: فذكر له القُنْع؛ يعين: الشَّبُّور (وفي رواية: شبور اليهود) (١)، فلم يعجبه ذلك، وقال: هو من أمر اليهود، قال: فذكر له الناقوس، فقال: هو من أمر النصارى، فانصرف عبد الله بن زيد بن عبد ربه، وهو مهتم لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرأى الأذان في منامه». الحديث (٢).


= من ذلك، وإن كان ما كان عليه اليهود كان أيضاً مشروعاً، فاجتناب ما لم يشرع الله اجتنابه مقاربة لليهود، وملابسة ما شرع الله اجتنابه مقاربة للنصارى، وخير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وسلم -».
(١) هو البوق.
(٢) وهو حديث صحيح رُوِّيناه في كتابنا «صحيح سنن أبي داود» (رقم ٥١١)، وذكرنا فيه من صححه من الأئمة، والشاهد منه واضح، وهو كما قال شيخ الإسلام (ص ٥٦):

«إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كره بوق اليهود المنفوخ بالفم، وناقوس النصارى المضروب باليد؛ علل هذا بأنه من أمر اليهود، وعلل هذا بأنه من أمر النصارى؛ لأن ذكر الوصف عقيب الحكم يدل على أنه علة له، وهذا يقتضي نهيه عما هو من أمر اليهود والنصارى، هذا مع أن قرن اليهود يقال: إن أصله مأخوذ عن موسى عليه السلام، وأنه كان يُضرب بالبوق في عهده، =

<<  <  ج: ص:  >  >>