"وأما الحديث الذي رويناه في كتاب الترمذي عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر في المسجد يوماً وعصبة من النساء قعود، فأشار بيده بالتسليم، قال الترمذي: حديث حسن. فهذا محمول على أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع بين اللفظ والإشارة، ويدل على هذا أن أبا داود روى هذا الحديث، وقال في روايته: فسلم علينا". قلت: حديث أسماء هذا لا يصح، فلا يصلح للاعتماد عليه في إجازة ما دل مطلق حديث جابر وغيره على منعه، وذلك لأن إسناده يدور على شهر بن حوشب عنها، وهو مختلف فيه، وقد قال فيه ابن عدي: "هو ممن لا يحتج به، ولا يتدين بحديثه "، قال الحافظ في "التقريب": "صدوق، كثير الإرسال والأوهام". وكثيرة أوهامه مما لا يشك فيه من تتبع روايته وأحاديثه، ولذلك لا نشك أن ما تفرد به أو اختلف عليه فيه؛ أنه لا يحتج به، وإنما يعتبر به في الشواهد والمتابعات، وقد تفرد بذكر الإشارة في هذا الحديث، بل اختلف عليه فيها؛ فمنهم من أثبتها عنه، ومنهم من لم يذكرها البتة، فقد أخرج حديثه الترمذي (٣/ ٣٨٦)، والبخاري في "الأدب المفرد" (ص ١٥١)، وأحمد (٦/ ٤٥٧ - ٤٥٨)؛ من طريق عبد الحميد بن بهرام عن شهر به. وقال الترمذي: "وهذا حديث حسن، قال أحمد بن حنبل " لا بأس بحديث عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب، قال محمد: شهر حسن الحديث، وقوى أمره، وقال: إنما تكلم فيه ابن عون". قلت: قد تكلم فيه غيره أيضاً، فانظر ترجمته في "تهذيب التهذيب"، وقد ذكرت لك خلاصة ما يستفاد من أقوالهم فيه. ثم أخرج الحديث أبو داود (٢/ ٣٤٣)، والدارمي (٢/ ٢٧٧)، وابن ماجه (٢/ ٣٩٨)، =