للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فثبت مما تقدم أن مخالفة الكفار وترك التشبه بهم من مقاصد الشريعة الإسلامية العليا، فالواجب على كل مسلم رجالاً ونساءً أن يراعوا ذلك في شؤونهم كلها، وبصورة خاصة في أزيائهم وألبستهم؛ لما علمت من النصوص الخاصة فيها، وبذلك يتحقق صحة الشرط السابع في زي المرأة. هذا؛ قد يظن بعض الناس أن هذه المخالفة إنما هي أمر تعبُّدي محض، وليس كذلك، بل هو معقول المعنى، واضح الحكمة، فقد تقرر عند العلماء المحققين أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الظاهر والباطن، وأن للأول تأثيراً في الآخر؛ إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وإن كان ذلك مما قد لا يشعر به الإنسان في نفسه، ولكن قد يراه في غيره.


= ثم عقد شيخ الإسلام فصلاً خاصاً في بيان إجماع المسلمين على ما أفادته الأحاديث والآيات المتقدمة من الأمر بمخالفة الكفار، والنهي عن التشبه بهم، وأورد فيه أقوال الصحابة في ذلك، وما ورد عن الأئمة الأربعة وغيرهم، وضمن ذلك فوائد عزيزة قلما يوفق لها غيره، فراجع (ص ٥٨ - ٦٧)، وقد قال في خاتمته:
"وبدون ما ذكرناه يعلم إجماع الأمة على كراهة التشبه بأهل الكتاب والأعاجم في الجملة، وإن كانوا قد يختلفون في بعض الفروع، وإما لاعتقاد بعضهم أنه ليس من هدي الكفار، أو لاعتقاده أن فيه دليلاً راجحاً، أو لغير ذلك، كما أنهم مجمعون على اتباع الكتاب والسنة، وإن كان قد يخالف بعضهم شيئاً من ذلك النوع تأويل ". وقال الصنعاني في: سبل السلام":
"والحديث دال على أن من تشبه بالفساق كان منهم أو الكفار أو المبتدعة في أي شيء مما يختصون به؛ من ملبوس أو مركوب أو هيئة، قالوا: فإذا تشبه بالكافر في زي واعتقد أن يكون بذلك مثله، كفر، فإن لم يعتقد ففيه خلاف بين الفقهاء، منهم من يقول: يكفر، وهو ظاهر الحديث، ومنهم من قال: لا يكفر، ولكن يؤدب ".

<<  <  ج: ص:  >  >>