للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى كتاب الله وحديث رسوله، قالوا: لا، نحن نتبع مذهبنا، هذا يقول مذهبي حنفي، وهذا شافعي الخ.

فهل هؤلاء الذين أقاموا تقليدهم للأئمة مقام إتباعهم لكتاب الله ولسنة رسول الله صلى الله علي وآله وسلم قد طبقوا هذه الآية الكريمة التي ذكرتها أخيرا: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩]؟ .

الجواب: لم يفعلوا شيئاً من ذلك إذن لم يفدهم قولهم: نحن على الكتاب والسنة؛ لأنهم لا يطبقون عمليا الكتاب والسنة، هذا مثال أريد به تقريب الموضوع الأول؛ لان هذا المثال أقصد به المقلدة.

أما البحث الأول فإنما أقصد به الدعاة الإسلاميين الذين يفترض فيهم ألا يكونوا من المقلدين، من الذين يؤثرون أقوال الأئمة غير المعصومين على أقوال الله ورسوله المعصوم.

فإذا كان الأمر إذن يعود على العقيدة والعقيدة تؤخذ من الكتاب والسنة وما كان عليه السلف؛ لأن هذا السلف هو المقصود بالآية الأولى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥] فيتبع غير سبيل المؤمنين لم يذكر الله عز وجل هذه الجملة في منتصف هذه الآية عبثاً؛ وإنما ليؤصل بها أصلا، ويقعد بها قاعدة وهي: أنه لا يجوز لنا أن نتكل في فهم كتاب ربنا وسنة نبينا على عقولنا المتأخرة زمنا، والمختلفة فهما، وإنما يكون المسلمون متبعين للكتاب والسنة تأصيلا وتقعيداً إذا أضافوا إلى الكتاب السنة: وما كان عليه السلف الصالح، لأن هذه الآية تضمنت النص: أنه يجب علينا ألا نخالف الرسول، وألا نشاقق الرسول، كما تضمنت ألَّا نخالف وألَّا نتبع غير سبيل المؤمنين ومعنى كل من القيد الأول في هذه الآية والقيد الآخر: أنه يجب

<<  <  ج: ص:  >  >>