المصغر، مجلس مصغر تجلس مع إنسان واحد فرد فيقول لك إن كان صالحاً فمثله كمثل بائع المسك، أو كان طالحاً فكالحداد إما أن يحرق ثيابك وإما أن تشم منه رائحة كريهة.
الحديث الثاني الذي يؤكد الحديث الأول والواقع أيضاً يزيده تأكيد وهو ما رواه الإمام مسلم وربما البخاري أيضاً في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: قتل رجل ممن قبلكم تسعةً وتسعين نفساً ثم أراد أن يتوب، فسأل عن أعلم أهل الأرض فدُلَّ على راهب فأتاه وقال له: أنا قتلت تسعة وتسعين نفساً فهل لي من توبة؟ قال: قتلت تسعة وتسعين نفساً وتسأل هل لك من توبة لا توبة لك، فأكمل به عدد المائة، ثم لم يزل يسأل حتى دُلَّ على عالم، هو من قبل دُلَّ على راهب أي متعبد جاهل، فأفتاه بجهله فكانت عاقبة أمره أن ألحقه بالسابقين من القتلى، في المرة الثانية دُلَّ على عالم فجاءه وقال له أنا قتلت مائة نفس بغير حق فهل لي من توبة؟ قال: ومن يحول بينك وبين التوبة، ولكنك بأرض سوء، هنا الشاهد، بأرض سوء فاخرج منها إلى القرية الفلانية الصالح أهلها، فانطلق إليهم إلى تمام الحديث ... وهو معروف إن شاء الله.
الشاهد أن هذا الرجل العالم متفقه بفقه هذا الحديث أو هذه الأحاديث وهذا لا يمنع أن هذه الأحاديث حدثنا بها الرسول عليه السلام، لا يمنع أن يكون هذا من فقه الأنبياء من قبله عليه السلام لأنهم جميعاً كانوا يستقون من مشكاة واحدة، فإذاً هذا العالم فهم هذه الحقيقة أن الجو الموبوء قد يعدي الشخص الصالح فيما إذا خالطه، وهذا مثل من النواحي المادية المرضية، الأمراض التي تتعدى ولذلك فجاء هنا الحجر الصحي المعروف اليوم، والرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - قد وضع قاعدته في الحديث المعروف: «إذا وقع الطاعون بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا