منها، وإذا وقع الطاعون في أرض لستم فيها فلا تدخلوا إليها» وهكذا.
إذاً: رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما حرم على المسلمين أن يستوطنوا بلاد الكفر إنما هو محافظة على عقيدتهم، على عبادتهم على سلوكهم، فلهذا أوجب ليس على المشركين، هذا أمر مهم جداً أيضاً، وربما قلما تعرضت له حينما نتكلم عن مثل هذه المسألة، الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - أو الشارع الحكيم ليس فقط أوجب على المشركين إذا أسلموا أن يهاجروا إلى بلاد الإسلام، بل أوجب على الأعراب أن يهاجروا من بداوتهم إلى حضرهم، هذا فيه أيضاً مراعاة نفس المعنى؛ لأن الرسول عليه السلام يقول في بعض الأحاديث:«من بدا جفا»، فإذا عاش الأعرابي بعد أن تلقن التوحيد وتعلم ما يجب عليه لتصحيح إيمانه وإسلامه، ثم عاد إلى باديته وعاش فيها فقد يتأثر بالجفاء الذي هو من طبيعة الأعراب، فإذا كان الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - حض الأعراب أولاً على أن يعودا حضراً، ثم ربط بذلك حكماً شرعياً وهو أنهم ليس لهم حق في المغانم التي يغنمها المسلمون بسبب مقاتلة الكفار، فأولى وأولى وأولى أن يوجب على المسلمين أن يلزموا ديارهم وأن لا ينتقلوا إلى بلاد الكفر والشرك والضلال، وبخاصة في هذه الأيام؛ لأنكم تعلمون بأن اليهود والنصارى وإن كانوا ضالين بسبب انحرافهم أولاً عن التوحيد الذي بلغهم عن أنبيائهم، ثم بسبب كفرهم بنبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - فهم مع ذلك كانوا على شيء من السلوك الحسن والأخلاق الطيبة .. إلى آخره، ومن كان في سني أو قريباً منه فهو يعلم أن نساء النصارى في بلاد الإسلام كن يتحجبن بحجاب أحسن من كثير من المسلمات اليوم، ومعنى هذا الكلام أن أهل الكتاب ما كان انتشر فيهم الفسق والفجور والخلاعة، الانتشار الذي أخذ يشكو منه العقلاء إن كان فيهم عقلاء من هؤلاء الكفار في بلادهم، فلذلك كيف يجوز للمسلم أن يعرض نفسه لهذا المجتمع الموبوء بالتفسخ الخلقي والتحلل الخلقي هذا، هذا ما عندي جواباً عن