للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام، لكن نحن موضوعنا الهام في الحقيقة الذي يتعلق بالمسلمين الذين ابتلوا بالسفر من بلادهم إلى بلاد الكفر، فهذه النصوص التي ذكرتها آنفاً هذه لا يمكن تأويلها بالمعنى الاصطلاحي، ولا أعني تفسيرها، لا يجوز تأويلها بأنها أصبحت منسوخة؛ لأن هذه ليس لها علاقة بقوله عليه السلام: «لا هجرة بعد الفتح» ليس لها علاقة، هذه عكس تلك كما قدمنا آنفاً، وقلنا إن هناك في الفقه الإسلامي قياس يسمى بالقياس الأولوي، فقلنا إذا كان الشارع الحكيم أمر من كان مقيماً في بلاد الكفر وقد هداه الله إلى الإسلام أن يهاجر إلى بلد الإسلام، فكيف يأذن لمن كان مسلماً أباً عن جد ويعيش في بلد إسلامية كيف يسمح له بأن يذهب إلى بلاد الكفر ويستوطنها؟ ومن كثّر سواد قوم فهو منهم، فمن جامع المشرك فهو منهم.

على أننا نحن نقول إذا لاحظنا المعنى الذي فهمناه من حديث الرجل الذي قتل مائة نفس بغير حق، وذلك العالم الحكيم الطبيب قال له: أنت في أرض شر، فاخرج منها، فهذه الحكمة أن يقال لمن يعيش في بلاد الفسق والفجور أن يتطلب بلداً أقل منه فسقاً وفجوراً فضلاً أن يكون أقل منه كفراً وضلالة، وليس العكس تماماً أن يقال اترك بلداً إسلامياً وسافر إلى بلد كافر، ثم ما الذي يحمل هؤلاء الناس على السفر إلى بلاد الكفر دون بلاد الإسلام الأخرى؟ أنا كثيراً ما أسمع من بعض الناس أننا نحن مضطرون للسكن في هذه البلاد لأننا أخرجنا من ديارنا مكرهين، وهذه نحن نعرفها مع الأسف حقيقة مُرَّة، لكن الذي أقوله لهم: لم تؤمروا أن تسافروا إلى الأرض التي أنتم الآن تستوطنونها، أُخرجتم من بلدكم بلد مسلم ثم اخترتم أنتم باختياركم المحض أن تقيموا في بلد الكافر كان أمريكا أم كان بريطانيا أم كان ألمانيا أم كانت فرنسا وغيرها ..

فإذاً هذا ليس عذراً، أنا أتصور أن زيداً من الناس أُخرج من داره مكرهاً وأنا من هؤلاء، لكن حينما

<<  <  ج: ص:  >  >>