هذا الحديث بيان يحتاجه كثير من الناس الذين تلتبس عليهم البدعة الدينية بالبدعة الدنيوية، وهذه نقطة يجب أن نكون على بينة منها حتى لا يختلط علينا الحق بالباطل؛ ذلك أن الإسلام إنما جاء ليكمل العبادات .. ليهيئ المسلمين ليكونوا سعداء في الدنيا والأخرى؛ وذلك بأن يشرع لهم هذه الأعمال الصالحة التي تقربهم إلى الله زلفى، ولم يأت لإصلاح الأمور الدنيوية التي هم يصلون إليها باجتهادهم وبابتكاراتهم وباختراعاتهم كما ترون الآن الكفار قد سبقوا المسلمين أشواطاً كثيرة في الاختراعات والابتكارات المتعلقة بتسهيل أمور الدنيا، هذه الأمور المتعلقة بالأمور الدنيوية ليس لها علاقة مطلقاً بالبدعة المذمومة شرعاً.
هذا الحديث الثاني يوضح لنا الحديث الأول حينما قال عليه الصلاة والسلام:«من أحدث في أمرنا هذا» أي: من أحدث في ديننا هذا «ما ليس منه فهو رد - على صاحبه -» ولذلك فلا ينبغي أن يشكل على أحد من الناس كما سمعنا ذلك كثير وكثير جداً حينما نحض المسلمين جميعاً إلى أن يعودوا في عباداتهم إلى سنة نبيهم - صلى الله عليه وآله وسلم - ونحذرهم اتباعاً منا له عليه الصلاة والسلام من كل محدثة في الدين كما سمعتم:«وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار».
هذا الحديث الثاني إذاً يوضح أن البدعة الضلالة ما كان لها علاقة بالعبادة وبالدين «من أحدث في أمرنا هذا» أي: في ديننا هذا، «ما ليس منه فهو رد».
ولأمر ما نحن ننتمي إلى السلف الصالح؛ ذلك .. لعلي في الجلسة السابقة تعرضت لهذا الجانب أن السلف الصالح هم الذين تلقوا القرآن وحديث الرسول عليه السلام من فمه غضاً طرياً، ثم تلقوه من الرسول عليه الصلاة والسلام مطبقاً