بقضية كاملة لا نقص فيها، هنا يقول الرسول عليه السلام مخبراً لنا بقوله:«وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً» كأن سائل سأل والواقع أنه ما سأل؛ لأن الله عز وجل يلهم نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يجيب قبل أن يسأل .. كأن سائلاً سأل: يا رسول الله! إذا نحن رأينا هذا الخلاف الذي أنت تخبرنا به بقولك: «وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً» فماذا نفعل يا رسول الله إذا رأينا هذا الاختلاف الكثير فماذا نفعل؟ فأجابهم عليه الصلاة والسلام دون أن يسألوه كما ذكرنا .. «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» إلى آخر الحديث.
إذاً: المخلص من أي فرقة، ومن أي خلاف يقع بين المسلمين هو اللجوء إلى سبيل المؤمنين الأولين، حيث قال عليه السلام بلسان عربي مبين: فإذا رأيتم الخلاف فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، فهل المسلمون اليوم إذا ما وقعوا في مسألة خلافية رجعوا فيها إلى الائتمار بأمره عليه السلام هذا وغيره مما جاء في القرآن وفي السنة فإذا رأيتم خلافاً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي.
الجواب مع الأسف: قل من يفعل ذلك من المسلمين، وهم الذين يحرصون أشد الحرص على أمرين اثنين لا انفصام ولا انفصال بينهما، ألا وهو معرفة السنة التي كان عليها الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - أولاً، ثم الحرص كل الحرص على تطبيقها ثانياً في أنفسهم، ثم فيمن يلوذ بهم، ثم فيمن يعيشون حوله وهكذا.
الآن نحن في مسألة واحدة وهي أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ذم ذماً عاماً كل بدعة في الدين، فهل المسلمون وقفوا عند هذا الذم العام لكل بدعة في العبادة في الإسلام أم اختلفوا؟ الواقع أنهم اختلفوا؛ لأنني أعتقد أن من كان منكم من طلاب العلم، بل ومن كان سامعاً للعلم ائتماراً منه بالأثر الوارد عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى